للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأخيرة أنها حُرِّمت إلى يوم القيامة لم يقع بعد ذلك إذن، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من البحث الطويل أن الصحيح أن نكاح المتعة مما تكرّر نسخه، فأبيح في خيبر، ثم حُرِّمت فيها، ثم أُبيح عام الفتح، وهو عام أوطاس، ثم حُرِّمت تحريمًا مؤبدًا، وهذا جمع حسنٌ، تتفق به الروايات المختلفة في هذا الباب، ويزول اضطرابها، فتأمله حقّ التأمّل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم نكاح المتعة:

قال أبو عبد الله القرطبيّ - رحمه الله -: قال أبو بكر الطرطوشيّ: ولم يرخّص في نكاح المتعة إلا عمران بن حُصين، وابن عبّاس، وبعض الصحابة، وطائفة من أهل البيت، وفي قول ابن عباس يقول الشاعر [من الطويل]:

أَقُولُ لِلرَّكْبِ إِذْ طَالَ الثَّوَاءُ (٢) بِنَا … يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فِي فُتْيَا ابْنِ عَبّاسِ

فِي بَضَّةٍ رَخْصَةِ الأَطْرَافِ نَاعِمَةٍ … تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَرْجِعِ النَّاسِ

وسائر العلماء، والفقهاء، من الصحابة والتابعين، والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخةٌ (٣)، وأن المتعة حرام. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٤).

وقال الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله - في كتابه "الاستذكار": وأما الصحابة - رضي الله عنهم -، فإن الأكثر منهم على النهي عنها، وتحريمها، قال: وأصحاب ابن عبّاس من أهل مكة، واليمن كلهم يرون المتعة حلالًا على مذهب ابن عبّاس، وحرّمها سائر الناس، قال معمر: قال الزهريّ: ازداد الناس لها مقتًا حين قال الشاعر:


(١) "الفتح" ١١/ ٤٢٠ - ٤٢٣.
(٢) "الثواء": الإقامة.
(٣) يعني قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية، وقد تقدّم الخلاف، هل هي منسوخة، أم ليست بمنسوخة، ولكن معناها: ما استمتعتم به منهن بنكاح صحيح، وليست المتعة المعروفة، فلا تدلّ الآية عليها؟ وهذا هو الصحيح في معنى الآية، كما تقدّم تحقيقه، فتنبّه لذلك.
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١٣٣.