للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا) زاد في رواية البخاريّ: "فاستمتعوا"، وضُبِط "فاستمتعوا" بفتح المثناة، وكسرها، بلفظ الأمر، وبلفظ الفعل الماضي.

(يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ) ويأتي حديث جابر - رضي الله عنه - من طُرُق أخرى منها: عن أبي نضرة، عن جابر؛ أنه سئل عن المتعة، فقال: فعلناها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن طريق عطاء، عن جابر: استمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، ومن طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير: سمعت جابرًا نحوه، وزاد: "حتى نَهَى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث".

قال الإمام ابن القيّم - رحمه الله -: فإن قيل: فكيف تصنعون بما روى مسلم في "صحيحه" من حديث جابر وسلمة بن الأكوع - رضي الله عنهما - قالا: خرج علينا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أَذِنَ لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء؟

قيل: هذا كان زمن الفتح قبل التحريم، ثم حَرَّمها بعد ذلك، بدليل ما رواه مسلم في "صحيحه" عن سلمة بن الأكوع، قال: "رَخَّصَ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثًا، ثم نَهَى عنها"، وعام أوطاس هو عام الفتح؛ لأن غزاة أوطاس مُتَّصِلة بفتح مكة.

قال: فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كنا نستمتع بالقُبْضَة من التمر، والدقيق، الأيام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، حتى نَهَى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث، وفيما ثبت عن عمر؛ أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهى عنهما: متعة النساء، ومتعة الحج؟

قيل: الناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إن عمر هو الذي حَرَّمها، ونَهَى عنها، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتباع ما سنّه الخلفاء الراشدون، ولم تَرَ هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح، فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة (١)، عن أبيه، عن جدّه، وقد تكلم فيه ابن


(١) هذا فيه نظر لا يخفى، فإنه لم ينفرد به عبد الملك، بل تابعه عليه جماعة، كما سيأتي للمصنّف في هذا الباب، فتنبّه.