بالشهادتين يدخل الجنة، فإن كان دَيِّنًا أو سليمًا من المعاصي دخل الجنة برحمة الله، وحُرِّم على النار، وإن كان من المخلطين بتضييع الأوامر أو بعضها، وارتكاب النواهي أو بعضها، ومات من غير توبة فهو في خَطَر المشيئة، وهو بصَدَد أن يَمضي عليه الوعيد، إلا أن يشاء الله أن يعفو عنه، فإن شاء أن يعذبه، فمصيره إلى الجنة بالشفاعة. انتهى.
وعلى هذا فتقييد اللفظ الأول تقديره:"وإن زَنى وإن سَرَق" دخل الجنة، لكنه قبل ذلك إن مات مُصِرًّا على المعصية في مشيئة الله، وتقدير الثاني:"حَرَّمه الله على النار" إلا أن يشاء الله، أو حرمه على نار الخلود، والله تعالى أعلم (١).
[فائدة]: قال الطيبيّ رحمه الله تعالى: قال بعض المحققين: قد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث الْمُبطلة والْمُلاحيّة ذريعةً إلى طرح التكاليف، ودفع الأحكام، وإبطال العمل معتقدين بأنّ الشهادة وعدم الشرك كافٍ، وربّما يتمسّك بها المرجئة، وهذا الاعتقاد يستلزم طَيَّ بساط الشريعة، وإبطال الحدود، والزواجر السمعيّة، ويوجب أن يكون التكليف بالترغيب في الطاعات، والتحذير عن المعاصي والجنايات غير متضمّن طائلًا، وبالأصل باطلًا، بل يقتضي الانخلاع عن رِبْقة الدين والملّة، والانسلال عن قيد الشريعة والسنّة، والخروج عن الضبط، والولوج في الخبط، وترك الناس سُدًى مُهْمَلين، يموج بعضهم في بعض، مُعَطَّلين من غير مانع، ولا دافع، وذلك يُفضي إلى خَرَاب الدنيا، بعد أن أفضَى إلى خراب العُقْبى، والْمُشَبِّث بهذا الحديث، ونظيره ساقطٌ، وعن معارج القدس إلى حضيض النفس لاقط، مع أن قوله في بعض طرق الحديث:"أن يعبدوه" يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية، وقوله:"ولا يشركوا به شيئًا" يَشْمَل كلا قسمي الشرك: الجلي والخفي.
فلا راحة للتمسك به في ترك العمل؛ لأن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضَمُّ بعضها إلى بعض، فإنها في حكم الحديث الواحد، فيُحمَل مطلقها على
(١) "الفتح" ١١/ ٢٧٣ - ٢٧٤ "كتاب الرقاق" رقم الحديث (٦٤٤٥).