للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغة في ضم العين، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: عَمِرَ الرجل يَعْمَرُ، من باب تَعِبَ عُمْرًا بفتح العين، وضمّها: طال عمره، فهو عامرٌ، وبه سُمِّي تفاؤلًا، وبالمضارع، ومنه يحيى بن يَعْمَر، ويتعدى بالحركة، والتضعيف، فيقال: عَمَرَهُ الله يَعْمُرُهُ، من باب قَتَلَ، وعَمَّره تعميرًا؛ أي: أطال عمره، وتدخل لام القسم على المصدر المفتوح، فتقول: لَعَمْرُك لأفعلنّ، والمعنى: وحياتِكَ وبقائِكَ. انتهى (١).

[فإن قلت]: كيف ساغ لابن عبّاس - رضي الله عنهما - أن يحلف بحياته، وقد ورد النهي عن الحلف بغير الله تعالى؟

[أجيب]: بأنه لم يُرد به القسم، بل هو مما يجري كثيرًا في كلامهم، كقولهم: ما له قاتله الله، وتربت يمينه، وعقرى حلقى، ونحو ذلك، مما يكثر دورانه على اللسان، ولا يُريدون حقيقته، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(لَقَدْ كَانَت الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) يتبيّن من هذا أن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قد علم بالإباحة، ثم لم يبلغه النسخ، فلذلك عارض بهذا على ابن الزبير - رضي الله عنهما -، والحقّ معه؛ لأنه علم النسخ، فلذلك هدّده بالحدّ المشروع في الزنا.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قول ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: "لقد فُعلت. . . إلخ" فيه تنبيه منه على أنه لو كانت المتعة مِمّا يُتَّقَى لكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أولى بتُقَاةِ ذلك، فإنه أتقى لله، وأخوف من كل مُتَّقٍ. انتهى (٢).

(فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ) - رضي الله عنهما - (فَجَرِّبْ بنَفْسِكَ) هذا تهديد؛ أي: افعل هذه المتعة بنفسك مجرّبًا، فستلقى عقابها (فَوَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ) قال النوويّ - رحمه الله -: هذا محمول على أنه أبلغه الناسخ لها، وأنه لم يبق شكّ في تحريمها، فقال: إن فعلتها بعد ذلك، ووطئت فيها كنت زانيًا، ورجمتك بالأحجار التي يرجم بها الزاني. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "لئن فعلتها لأرجمنَّك بأحجارك" حُجَّةٌ لأحد


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٩.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٠٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١٨٨.