للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو عمر: ابن جريج أثبت الناس في عطاء، لا يُقاس به فيه ابن أبي نَجيح، ولا غيره. وروى معمر، عن قتادة، قال: لا بأس أن يجمع الرجل بين ابنتي العمّ.

قال أبو عمر: على هذا القول جمهور العلماء، وجماعة الفقهاء، أئمة الفتوى: مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة، والثوريّ، وأحمد، وإسحاق، والأوزاعيّ، وغيرهم.

وقال جماعة منهم: إنما يُكره الجمع بين امرأتين، لو كانت إحداهما رجلًا لم يجز له نكاح الأخرى؛ اعتبارًا بالأختين، وليس ابنة العمّ من هذا المعنى، وروى معتمر بن سليمان، عن فُضيل بن ميسرة، عن أبي حَرِيز، عن الشعبيّ، قال: كلّ امرأتين إذا جَعَلتَ موضع إحداهما ذكرًا لم يجز له أن يتزوّج الأخرى، فالجمع بينهما حرامٌ، قلت له: عمن هذا؟ فقال: عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وروى الثوريّ، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبيّ، قال: لا ينبغي لرجل أن يجمع بين امرأتين، لو كانت إحداهما رجلًا لم يحلّ له نكاحها، قال سفيان: تفسير هذا عندنا أن يكون من النسب، ولا تكون بمنزلة امرأة رجل، وابنة زوجها، فإنه يَجمَع بينهما إن شاء.

قال أبو عمر: قد اختلف العلماء في جمع الرجل في النكاح بين امرأة رجلٍ وابنته من غيرها، فالجمهور على أن ذلك جائزٌ، وعليه جماعة الفقهاء بالمدينة، ومكة، والعراق، ومصر، والشام، إلا ابن أبي ليلى، من أهل الكوفة، وقد تقدّمه إلى ذلك الحسن، وعليّ، وعكرمة، وخالفهم أكثر الفقهاء؛ لأنه لا نسب بينهما.

وروي أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، جمع بين امرأة عليّ، وابنته من غيرها، وعبد الله بن صفوان بن أمية، تزوّج امرأة رجل وابنته من غيرها.

وقالت طائفة منهم الحسن، وعكرمة: لا يجوز لأحد أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها، واعتلّوا بالعلّة التي ذكرنا بأن إحداهما لو كان رجلًا لم يحلّ له نكاح الأخرى. انتهى كلام ابن عبد البرّ - رحمه الله - ببعض تصرّف (١).


(١) "الاستذكار" ١٦/ ١٧٢ - ١٧٦.