ويرتفع الإشكال بأن تقدّر الواو زائدة، ويكون الكلام الذي بعدها مؤكّدًا لما قبلها، ومؤيّدًا له.
وفي كتاب أبي داود من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، مرفوعًا:"نَهَى أن يُجمع بين العمّة والخالة، وبين العمتين، والخالتين"، قال ابن النّحّاس: الواجب على لفظ هذا الحديث ألا يُجمعَ بين امرأتين، إحداهما عمة الأخرى، والأخرى خالة الأخرى، وهذا يخرّج على وجه صحيح، وهو أن يكون رجلٌ، وابنه تزوّجا امرأة وابنتها، تزوّج الأب البنت، والابن الأمّ، فولدت كلّ واحدة منهما بنتًا، فابنة الأب عمّة ابنة الابن، وابنة الابن خالة ابنة الأب.
وأما الخالتان: فأن يتزوّج رجلٌ ابنة رجل، ويتزوّج الثاني ابنة الأول، فيولد لكلّ منهما ابنةٌ، فابنة كلّ واحد منهما خالة الأخرى.
وأما العمتان: فأن يتزوّج رجلٌ أمّ رجل، ويتزوّج الآخر أمّ الآخر، ثم يولد لكلّ واحد منهما ابنةٌ، فبنت كلّ واحد منهما عمّة الأخرى. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث مفيدٌ.
وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ رحمه الله تعالى: قد اختلف العلماء في المعنى المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنكح المرأة على عمّتها، ولا على خالتها":
فقالت طائفة: معناه كراهية القطيعة، فلا يجوز لأحد أن يجمع بين امرأتين بينهما قرابة رحمٍ محرّمة، أو غير محرّمة، فلم يجيزوا الجمع بين ابنتي عمّ، أو عمّة، ولا بين ابنتي خال، أو خالة. روي ذلك عن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله، والحسن بن أبي الحسن، وجابر بن زيد، وعكرمة، وقتادة، وعطاء، على اختلاف عنه. وروى ابن عيينة عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء أنه كره أن يُجمع بين ابنتي العمّ. وعن ابن عيينة، وابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن عليّ أنه أخبره أن حسن بن حسن بن عليّ نكح ابنة محمد بن عليّ، وابنة عمر بن عليّ، جمع بين ابنتي عمّ، فأصبح نساؤهم لا يدرين إلى أيّتهما يذهبن، قال ابن جريج: فقلت لعطاء: الجمع بين المرأة وابنة عمّها؟ قال: لا بأس بذلك.