للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسألة نكاح المرأة وربيبتها (١)، فإن الجمع بينهما جائز، ولو قدّرت امرأة الأب رجلًا، لحلّت له الأخرى، وهذا التحرّي (٢) هو على مذهب الجمهور المجيزين للجمع بين المرأة وربيبتها، وقد منعه الحسن، وابن أبي ليلى، وعكرمة.

وعلّل الجمهور منع الجمع بين من ذكرناه؛ لما يُفضي إليه الجمع من قطع الأرحام القريبة بما يقع بين الضرائر، من الشنآن والشرور بسبب الغيرة، وقد شهد لصحّة هذا التعليل ما ذكره أبو محمد الأصيليّ في "فوائده"، وأبو عمر ابن عبد البرّ عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوّج الرجل المرأة على العمة، أو على الخالة، وقال: "إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم"، ومن مراسيل أبي داود عن حسين، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُنكح المرأة على قرابتها، مخافة القطيعة.

وقد طرد بعض السلف هذه العلّة، فمنع الجمع بين بنتي العمّتين، والخالتين، وبنتي الخالين، والعمّين، وجمهور السلف، وأئمة الفتوى على خلافه، وقصر التحريم على ما ينطلق عليه لفظ العمّات، والخالات.

وقد روى الترمذيّ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا، وقال فيه: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن تنكح المرأة على عمّتها، أو العمّة على ابنة أخيها، والمرأة على خالتها، أو الخالة على ابنة أختها، ولا تُنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى"، وقال: حديث حسنٌ صحيح (٣).

وهو مساقٌ حسنٌ بيّنٌ، غير أن فيه واوًا اقتضت إشكالًا، وهي التي في قوله: "ولا"، وذلك أنه قد ذكر العمّة، وهي الكبرى، وابنة أخيها، وهي الصغرى، والخالة، وهي الكبرى، وابنة أختها، وهي الصغرى، ثم أتى بالنهي عن إدخال إحداهما على الأخرى، طردًا وعكسًا.


(١) هكذا نسخة: "المفهم"، والظاهر أنه سقطت منه لفظة "عن"، والأصل: "عن مسألة نكاح المرأة. . . إلخ"، فقوله: "فائدة هذا" مبتدأ، خبره "الاحتراز"، و"عن مسألة. . . إلخ" متعلّق بـ "الاحتراز"، والله تعالى أعلم.
(٢) هكذا في النسخة، ولعل الصواب: وهذا التحرّز، فليُحرّر.
(٣) "جامع الترمذيّ" رقم (١١٢٦) وهو حديث صحيح، كما قال.