١ - (منها): بيان النهي عن نكاح المُحْرِم، وقد مرّ آنفًا أن النهي للتحريم، فلا ينعقد نكاحه أصلًا.
٢ - (ومنها): تحريم الخِطبة على المُحْرِم أيضًا.
٣ - (ومنها): أنه لا يجوز أن يعقد المُحْرِم النكاح لغيره أيضًا، لا بالولاية، ولا بالوكالة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم تزويج المُحْرِم:
قال النوويّ - رحمه الله -: اختَلَف العلماء في نكاح المحرم، فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء، من الصحابة، فمن بعدهم: لا يصحّ نكاح المحرم، واعتمدوا في ذلك على حديث عثمان - رضي الله عنه -.
وقال أبو حنيفة، والكوفيون: يصحّ نكاح المحرم؛ لحديث ابن عبّاس في قصة ميمونة - رضي الله عنهم -.
وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة، أصحّها أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما تزوجها حلالًا، هكذا رواه أكثر الصحابة، قال القاضي عياض وغيره: ولم يَرْوِ أنه تزوجها محرمًا إلا ابن عباس وحده، وروت ميمونة، وأبو رافع، وغيرهما أنه تزوجها حلالًا، وهم أعرف بالقضية؛ لتعلقهم به، بخلاف ابن عباس؛ ولأنهم أضبط من ابن عباس، وأكثر.
الجواب الثاني: تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحَرَم، وهو حلال، ويقال لمن هو في الحرم: مُحرِم، وإن كان حلالًا، وهي لغة شائعة، معروفة، ومنه البيت المشهور:
قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا
أي في حرم المدينة.
والثالث: أنه تعارض القول والفعل، والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول؛ لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل قد يكون مقصورًا عليه.
والرابع: جواب جماعة من الشافعية أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خُصّ به دون الأمة، وهذا أصح الوجهين عند الشافعية، والوجه الثاني: أنه حرام في حقه كغيره، وليس من الخصائص.