للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

وقال الحافظ أبو عمر - رحمه الله -: اختلف الفقهاء في نكاح المحرم: فقال مالكٌ، والشافعيّ، وأصحابهما، والليث، والأوزاعيّ: لا يَنكح المحرم، ولا يُنكِح، فإن فعل فالنكاح باطلٌ. وهو قول عمر بن الخطّاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسعيد بن المسيّب، وسالم بن عبد الله، وسُليمان بن يسار، وبه قال أحمد بن حنبل، قال أحمد: أذهب فيه إلى حديث عثمان، وقال: رُوي عن عمر، وعليّ، وزيد بن ثابت أنهم فرّقوا بينهما.

وقال أبو حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوريّ: لا بأس بأن يَنْكِح المحرم، وأن يُنكِح، وهو قول القاسم بن محمد، وإبراهيم النخعيّ، ذكر عبد الرزّاق، قال: أخبرنا محمد بن مسلم الطائفيّ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أنه لم ير بنكاح المحرم بأسًا، قال: وأخبرني الثوريّ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: يتزوّج المحرم إن شاء، لا بأس به، قال عبد الرزاق: وقال الثوريّ: لا يُلتفت إلى أهل المدينة، حجة الكوفيين في جواز نكاح المحرم حديث ابن عبّاس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة، وهو محرم، رواه جماعة من أصحابه، منهم عطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وجابر بن زيد، أبو الشعثاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير. وروى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: حديث ابن شهاب، عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة، وهو محرم، فقال ابن شهاب: حدثني يزيد بن الأصمّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوّج ميمونة. . .، قال عمرو: فقلت لابن شهاب: أتجعل حفظ ابن عباس كحفظ أعرابيّ يبول على فخذيه؟ (٢).


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٩٤ - ١٩٥.
(٢) قال الإمام البيهقيّ - رحمه الله - في "معرفة السنن والآثار" ٤/ ٣٦: هذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعنًا في روايته، ولو كان مطعونًا في الرواية لَمَا احتجّ به ابن شهاب الزهريّ، وإنما قصد عمرو بن دينار بما قال ترجيح رواية ابن عبّاس على رواية يزيد بن الأصمّ، والترجيح يقع بما قال عمرو، ولو كان يزيد يقوله مرسلًا، =