للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الراء، وضمها، وكسره، مأخوذ من الرَّغَام - بفتح الراء - وهو التراب، قال المجد في "القاموس": "الرَّغْمُ": الْكُرْهُ، ويُثَلَّثُ، كالْمَرْغَمَة، ورَغِمَهُ، كعَلِمَهُ، ومَنَعَهُ: كَرِهَه، والترابُ، كالرَّغَام، والْقَسْرُ، والذّلُّ، ورَغُمَ أنفي لله تعالى: مثلّثةً: ذلّ عن كُرْهٍ. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أفاد كلام المجد رحمه الله تعالى أن رَغُمَ مثلّث الغين، من باب نصر، ومنع، وقرب، كما أن مصدره الرَّغْم مثلّث الراء، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقال الفيّوميّ: هو كناية عن الذلّ، كأنه لَصِقَ بالرَّغام بالفتح: أي التراب هَوَانًا، ويتعدّى بالألف، فيقال: أرغم الله أنفه، قال: وهذا من الأمثال التي جرت في كلامهم بأسماء الأعضاء، ولا يريدون أعيانها، بل وَضَعُوها لمعانٍ غير معاني الأسماء الظاهرة، ولا حظّ لظاهر الأسماء من طريق الحقيقة، ومنه قولهم: كلامه تحت قدميَّ، وحاجته خلفَ ظهري، يُريدون الإهمال، وعَدَمَ الاحتفال. انتهى (٢).

وقال النوويّ: معنى أرغم الله أنفه: أي ألصقه بالرَّغَام، وأَذَلّه، فمعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على رغم أنف أبي ذرّ": على ذُلّ منه؛ لوقوعه مخالفًا لِمَا يريد، وقيل: معناه على كراهة منه، وإنما قال له - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ لاستبعاده العفو عن الزاني والسارق المنتهك للحرمة، واستعظامه ذلك، وتصوُّر أبي ذرّ بصورة الكاره الْمُمَانع، وإن لم يكن ممانعًا، وكان ذلك من أبي ذرّ؛ لشدة نفرته من معصية الله تعالى وأهلها، قاله النوويّ رحمه الله تعالى (٣).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: أصل الرَّغْم بفتح الراء، وضمّها (٤): الذلّ، من الرَّغام بالفتح أيضًا، وهو التراب، يقال: أرغم الله أنفه: أي أذلّه، كأنه يُلْصِقُه بالتراب من الذلّ، فيكون هذا في الحديث على وجه الاستعارة، والإغياء في الكلام: أي وإن خالف سؤالَ أبي ذرّ، واعتقادَه،


(١) "القاموس المحيط" ص ١٠٠٥، وشرحه "تاج العروس" ٨/ ٣١٤.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(٣) "شرح النوويّ" ٢/ ٩٦.
(٤) تقدّم أن راءه مثلّثة، فتنبّه.