للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التي هي طلب تزويجها، وذلك دليل على أن المراد العقد؛ لأنه هو الذي يطلب بالخطبة، وليس من شأن وطء الزوجة أن يطلب بخطبة، كما هو معلوم.

الوجه الثاني: أن أبان بن عثمان راوي الحديث، وهو من أعلم الناس بمعناه، فسَّره بأدن المراد بقوله: "ولا يُنكح": أي لا يزوَّج؛ لأن السبب الذي أورد فيه الحديث هو أنه أَرسل له عمر بن عبيد الله حين أراد أن يزوج ابنه طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير، فأنكر عليه ذلك أشدّ الإنكار، وبيَّن له أن حديث عثمان، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - دليل على منع عقد النكاح في حال الإحرام، ولم يُعْلَم أنه أنكر عليه أحد تفسيره الحديث بأن المراد بالنكاح فيه العقد، لا الوطء.

الوجه الثالث: هو ما قدمنا من الأحاديث، والآثار الدالة على منع التزويج في حال الإحرام، كحديث ابن عمر عند أحمد: أنه سئل عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل، وهو خارج من مكة، فأراد أن يعتمر، أو يحج؟ فقال: لا تتزوجها وأنت محرم، نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه. انتهى.

فتراه صرّح بأن النكاح المنهي عنه في الإحرام التزويج.

وقال الشوكانيّ في "نيل الأوطار" في حديث ابن عمر هذا: في إسناده أيوب بن عتبة، وهو ضعيف، وقد وُثِّق.

وكالأثر الذي رواه مالك، والبيهقيّ، والدارقطنيّ، عن أبي غَطَفان بن طَرِيف أن أباه طريفًا تزوج امرأة، وهو محرم، فردّ عمر بن الخطاب نكاحه. انتهى.

وذلك دليل على أن عمر يفسر النكاح الممنوع في الإحرام بالتزويج، ولا يخصه بالوطء، وقد روى البيهقي في "السنن الكبرى" بإسناده عن الحسن، عن عليّ قال: من تزوج، وهو محرم نزعنا منه امرأته.

وروى بإسناده أيضًا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليًا - رضي الله عنه - قال: لا ينكح المحرم، فإن نكح رُدّ نكاحه.

وروى بإسناده أيضًا عن شَوْذَب مولى زيد بن ثابت، أنه تزوج وهو محرم، ففرّق بينهما زيد بن ثابت.

قال: وروينا في ذلك عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، وروى