بإسناده أيضًا عن قُدامة بن موسى، قال: تزوجت، وأنا محرم، فسألت سعيد بن المسيِّب، فقال: يفرَّق بينهما.
وروى بإسناده أيضًا عن سعيد بن المسيِّب أن رجلًا تزوج وهو محرم، فأجمع أهل المدينة على أن يفرَّق بينهما. انتهى.
ثم قال الشيخ الشنقيطيّ - رحمه الله -: الذي يظهر لي رجحانه بدليل هو أن إحرام أحد الزوجين، أو الولي مانع من عقد النكاح؛ لحديث عثمان الثابت في "صحيح مسلم"، ولِمَا قدَّمنا من الآثار الدالة على ذلك، ولم يثبت في كتاب الله، ولا سنة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - شيء يعارض ذلك الحديث، وحديث ابن عباس معارَضٌ بحديث ميمونة، وأبي رافع، وقد قدمنا لك أوجه ترجيحهما عليه، ولو فرضنا أن حديث ابن عباس لم يعارضه معارض، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم، فهذا فعلٌ خاصٌ، لا يعارض عمومًا قوليًا؛ لوجوب تخصيص العموم القولي المذكور بذلك الفعل، كما تقدم إيضاحه. انتهى المقصود من كلام الشيخ الشنقيطيّ - رحمه الله -، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:
[٣٤٥٣](. . .) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَيْمُونَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) العطّار، أبو سليمان المكيّ، ثقةٌ [٨](ت ٤ أو ١٧٥)(ع) تقدم في "شرح المقدمة" جـ ٢ ص ٤١٣.
والباقون ذُكروا في الباب.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى قبله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.