للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآية [الحجرات: ١٠]. وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا" متّفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى"، متّفق عليه، وأخرج مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذُله، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الْخِطْبَة على الخِطبة:

ذهب الجمهور إلى أن النهي في هذا الحديث للتحريم، وقال الخطّابيّ: هو نهي تأديب، وليس بنهي تحريم، يُبطل العقد عند أكثر الفقهاء. كذا قال. قال في "الفتح": ولا ملازمة بين كونه للتحريم، وبين البطلان عند الجمهور، بل هو عندهم للتحريم، ولا يبطل به العقد، بل حكى النوويّ أن النهي فيه للتحريم بالإجماع، ولكن اختلفوا في شروطه، فقال الشافعيّة، والحنابلة: محلّ التحريم ما إذا صرّحت المخطوبة، أو وليّها الذي أذنت له، حيث يكون إذنها معتبرًا بالإجابة، فلو وقع التصريح بالردّ فلا تحريم، ولو لم يعلم الثاني بالحال فيجوز الهجوم على الخِطبة؛ لأن الأصل الإباحة، وعند الحنابلة في ذلك روايتان. وإن وقعت الإجابة بالتعريض، كقولها: لا رغبة عنك، فقولان عند الشافعيّة، الأصحّ - وهو قول المالكيّة، والحنفية - لا يحرم أيضًا، وإذا لم تردّ، ولم تقبل فيجوز، والحجة فيه قول فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها -: خطبني معاوية، وأبو الجهم، فلم ينكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليهما، بل خطبها هو لأسامة بن زيد - رضي الله عنهما -.

وأشار النوويّ وغيره إلى أنه لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكونا خطبا معًا، أو لم يعلم الثاني بخِطبة الأول، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - أشار بأسامة، ولم يخطب، وعلى تقدير أن يكون خطب، فكأنه لما ذكر لها ما في معاوية، وأبي جهم ظهر منها الرغبة عنهما، فخطبها لأسامة.