للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالبناء للمفعول، وتخفيف الفاء، من الإيفاء، أو تشديدها، من التوفية، ولفظ النسائيّ: "أن تُوفوا به"، وفي رواية البخاريّ: "أحقُّ الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج"، وفي لفظ له: "أحقّ ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج".

فقوله: "أن يوفى به" في تأويل المصدر مجرور بحرف جرّ محذوف قياسًا؛ لكونه مع "أَنْ"، متعلّق بـ "أحقّ"، كما قال في "الخلاصة":

وَعَدِّ لَازِمًا بِحَرْفِ جَرِّ … وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ

نَقْلًا وَفِي "أَنَّ" و"أَنْ" يَطَّرِدُ … مَعْ أَمْنِ لَبْسٍ كَـ "عَجِبْتُ أَنْ يَدُوا"

وقوله: (مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ") "ما" موصولة خبر "إنّ"، أي إنّ أليق الشروط بالوفاء الشرط الذي وقع به عقد النكاح؛ لأن أمره أحوط، وبابه أضيق.

قال النوويّ - رحمه الله -: قال الشافعيّ، وأكثر العلماء: إن هذا محمول على شروط لا تنافي مقتضي النكاح، بل تكون من مقتضياته، ومقاصده، كاشتراط العشرة بالمعروف، والإنفاق عليها، وكسوتها، وسُكناها بالمعروف، وأنه لا يُقَصِّر في شيء من حقوقها، ويَقْسِم لها كغيرها، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تَنْشُز عليه، ولا تصوم تطوعًا بغير إذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، ولا تتصرف في متاعه إلا برضاه، ونحو ذلك، وأما شَرْطٌ يخالف مقتضاه، كشرط أن لا يَقسِم لها، ولا يتسرى عليها، ولا ينفق عليها، ولا يسافر بها، ونحو ذلك، فلا يجب الوفاء به، بل يلغو الشرط، ويصح النكاح بمهر المثل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل"، وقال أحمد، وجماعة: يجب الوفاء بالشرط مطلقًا؛ لحديث: "إن أحقّ الشروط إلخ". انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الإمام الشافعيّ، وأكثر العلماء هو الأرجح؛ وسيأتي بيان اختلاف العلماء، وترجيح الراجح بدليله في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى -.

وقوله: (هَذَا) إشارة إلى المتن الذي ساقه (لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ) ابن أبي


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ٢٠٢.