للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": ظاهر هذا الحديث أن الأَيِّم هي الثيب التي فارقت زوجها بموت، أو طلاق؛ لمقابلتها بالبكر، وهذا هو الأصل في الأَيِّم، ومنه قولهم: "الْغَزْوُ مَأْيَمَةٌ"، أي يَقْتُل الرجال، فتصير النساء أَيَامَى، وقد تطلق على من لا زوج لها أصلًا، ونقله عياض عن إبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وغيرهما أنه يُطلق على كل من لا زوج لها، صغيرةً كانت، أو كبيرةً، بكرًا كانت، أو ثَيِّبًا، وحَكَى الماورديّ القولين لأهل اللغة، وقد وقع في رواية الأوزاعيّ، عن يحيى، في هذا الحديث عند ابن المنذر، والدارميّ، والدارقطنيّ: "لا تنكح الثيب"، ووقع عند ابن المنذر، في رواية عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، في هذا الحديث: "الثيب تُشَاوَرُ". انتهى (١).

وقال القاضي عياضٌ - رحمه الله -: اختلف العلماء في المراد بالأيّم هنا، مع اتفاق أهل اللغة على أنها تُطلق على امرأة لا زوج لها، صغيرةً كانت، أو كبيرةً، بكرًا كانت، أو ثيّبًا، قاله إبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وغيرهما، والأيْمَةُ العُزُوبة، ورجلٌ أيّمٌ، وامرأة أيّمٌ، وحكى أبو عبيد: أيّمةٌ أيضًا.

قال القاضي: ثم اختلف العلماء في المراد به هنا، فقال علماء الحجاز، والفقهاء كافّةً: المراد الثيّب، واستدلّوا بأنه جاء مفسّرًا في الرواية الأخرى بالثيّب، وبأنها جعلت في مقابلة البكر، وبأن أكثر استعمالها في اللغة للثيّب، وقال الكوفيون، وزفر: الأيّم هنا كلّ امرأة لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيّبًا، كما هو مقتضاه في اللغة قالوا: فكلّ امرأة بلغت فهي أحقّ بنفسها من وليّها، وعقدُها على نفسها النكاح صحيح. وبه قال الشعبيّ، والزهريّ، قالوا: وليس الوليّ من أركان صحّة النكاح، بل من تمامه. وقال الأوزاعيّ، وأبو يوسف، ومحمد: تتوقّف صحّة النكاح على إجازة الوليّ.

قال القاضي: واختلفوا أيضًا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحقّ من وليّها"، هل هي أحقّ بالإذن فقط، أو بالإذن والعقد على نفسها؟ فعند الجمهور بالإذن فقط، وعند هؤلاء بهما جميعًا. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ١١/ ٤٥٧.
(٢) راجع: "إكمال المعلم" ٤/ ٥٦٤ - ٥٦٥.