للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الصحيحين" إلا أربعة أحاديث (١)، وهذا أول محلّ ذكره في هذا الكتاب، وكذا عبيد الله، كما أسلفناه آنفًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَن الْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَدِ) تقدّم أنه المقداد بن عَمرو، وإنما الأسود تبنّاه (أَنَّهُ) أي المقداد (أَخْبَرَهُ) أي أخبر عبيد الله (أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ) قال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا هو في أكثر الأصول المعتبرة، وفي بعضها: "أرأيتَ لقيتُ" بحذف "إن"، والأول هو الصواب. انتهى (٢).

ووقع عند البخاريّ بلفظ: "قال: يا رسول الله إن لقِيتُ كفارًا، فاقتتلنا، فضرب إحدى يديّ بالسيف … "، قال في "الفتح": قوله: "إن لقيتُ" كذا للأكثر بصيغة الشرط، وفي رواية أبي ذرّ: "إني لقيتُ كافرًا، فاقتتلنا، فضرب يدي فقطعها"، وظاهر سياقه أن ذلك وقع، والذي في نفس الأمر بخلافه، وإنما سأل المقداد عن الحكم في ذلك لو وقع. انتهى.

(فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْف، فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي) أي اعتصم منّي، وهو معنى قوله: "قالها مُتَعَوّذًا": أي معتصمًا، وهو بكسر الواو، قاله النوويّ، وقال الفيّوميّ: لاذ الرجل بالجبل، يَلُوذ لِوَاذًا بكسر اللام، وحُكِي التثليث، وهو الالتجاء، ولاذ بالقوم، وهي الْمُداناة، وألاذ بالألف لغة فيهما. انتهى.

وقال المجد: اللَّوْذُ بالشيء: الاستتار، والاحتصان به، كاللُّوَاذ، مثلَّثةً، واللياذ، والْمُلاوذة، والإحاطةُ، كالإلاذة، وجانبُ الجبل، وما يُطيف به، ومُنعَطَف الوادي، جمعه أَلْوَاذٌ. انتهى (٣).

(بِشَجَرَةٍ) قال في "الفتح": الشجرة مثال. انتهى. يعني أنه إنما ذُكر على سبيل المثال، لا على سبيل التحديد، فلو لاذ بغير شجرة، كالِجدار ونحوه،


(١) راجع: "تحفة الأشراف" ٨/ ٢٠٥ - ٢١١.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ١٠٤.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٣٠٥.