للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟) هل تعطيها، وتجلس بلا إزار، وهذا لا يجوز، أو تمنعها منه، فلم يحصل الغرض؟، وإلى هذا أشار إليه بقوله: (إِنْ لَبِسْتَهُ) أنت (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ) هي (لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ") قال في "الفتح": ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لبسته إلخ" أي إن لبسته كاملًا، وإلا فمن المعلوم من ضيق حالهم، وقلّة الثياب عندهم أنها لو لبسته بعد أن تشقّه لم يسترها، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالنفي نفي الكمال؛ لأن العرب قد تنفي جملة الشيء إذا انتفى كماله، والمعنى: لو شققته بينكما نصفين لم يحصل كمال سترك بالنصف إذا لبسته، ولا هي.

وفي رواية معمر عند الطبرانيّ: "ما وجدت والله شيئًا غير ثوبي هذا أشققه بيني وبينها، قال: ما في ثوبك فضلٌ عنك وفي رواية فضيل بن سليمان: "ولكني أشقّ بردتي هذه، فأعطيها النصف، وآخذ النصف وفي رواية الدراورديّ: "قال: ما أملك إلا إزاري هذا، قال: أرأيت إن لبسته، فأيّ شيء تلبس؟ وفي رواية مبشّر: "هذه الشملة التي عليّ ليس عندي غيرها وفي رواية هشام بن سعد: "ما عليه إلا ثوبٌ واحدٌ عاقدٌ طرفيه على عنقه وفي حديث ابن عبّاس وجابر: "والله ما لي ثوبٌ إلا هذا الذي عليّ"، وكلّ هذا مما يرجّح الاحتمال الأول، والله أعلم. انتهى (١).

ووقع في رواية حماد بن زيد: "فقال: أعطها ثوبًا، قال: لا أجد، قال: أعطها ولو خاتمًا من حديد، فاعتلّ له". ومعنى قوله: "فاعتلّ له" أي اعتذر بعدم وجدانه كما دلّت عليه رواية غيره.

(فَجَلَسَ الرَّجُلُ، حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ) بالبناء للفاعل، أي أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأن يُدعَى له (فَدُعِيَ) بالبناء للمفعول، أي طُلب الرجل أن يحضر عنده - صلى الله عليه وسلم -.

وفي رواية الثوريّ عند الإسماعيليّ: "فقام طويلًا، ثمّ ولّى، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: عليّ الرجل".

(فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: "مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ ") هذا يَحْتَمِل أن يكون بعد قوله -


(١) "الفتح" ١١/ ٤٨٢ - ٤٨٣.