للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وسلك ابن العربيّ في الجواب مسلكًا آخر، فقال: يَحْتَمِل أن ذلك قبل الحجاب، أو بعده، لكنها كانت متلفّفة، وسياق الحديث يُبعد ما قال، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): أنه تجوز الخِطْبة على خطبة مَنْ خَطَبَ إذا لم يقع بينهما ركون، ولا سيّما إذا لاحت مخايل الردّ. قاله أبو الوليد الباجيّ.

وتعقّبه عياض وغيره بأنه لم يتقدّم عليها خِطْبةٌ لأحد، ولا ميلٌ، بل هي أرادت أن يتزوّجها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعرضت نفسها مجّانًا، مبالغةً منها في تحصيل مقصودها، فلم يَقبَل، ولما قال: "ليس لي حاجة في النساء" عرف الرجل أنه لم يقبلها، فقال: "زوّجنيها"، ثم بالغ في الاحتراز، فقال: "إن لم يكن لك بها حاجة"، وإنما قال ذلك بعد تصريحه بنفس الحاجة؛ لاحتمال أن يبدو له بعد ذلك ما يدعوه إلى إجابتها، فكان ذلك دالًّا على وُفُور فطنة الصحابيّ المذكور، وحسن أدبه.

قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن يكون الباجيّ أشار إلى أن الحكم الذي ذكره يُستنبط من هذه القصّة؛ لأن الصحابيّ لو فهم أن للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها رغبةً لم يطلبها، فكذلك من فُهِمَ أنَّ له رغبةً في تزويج امرأة، لا يصلح لغيره أن يُزاحمه فيها حتى يُظهِر عدم رغبته فيها، إما بالتصريح، أو ما في حكمه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): أنه يستفاد منه أنه لا حدّ لأقلّ المهر، قال ابن المنذر: فيه ردّ على من زعم أن أقلّ المهر عشرة دراهم، وكذا من قال: ربع دينار، قال: لأن خاتمًا من حديد لا يُساوي ذلك، وقال المازريّ: تعلّق به من أجاز النكاح بأقلّ من ربع دينار؛ لأنه خرج مخرج التعليل، ولكن مالكٌ قاسه على القطع في السرقة، قال عياض: تفرّد بهذا مالك عن الحجازيين، لكن مستنده الالتفات إلى قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} الآية [النساء: ٢٤]، وبقوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} الآية [النساء: ٢٥]، فإنه يدلّ على أن المراد ما له بال من المال، وأقلّه ما استُبيح به قطع