العضو المحترم، قال: وأجازه الكافّة بما تراضى عليه الزوجان، أو من العقد إليه بما فيه منفعة، كالسوط، والنعل، وإن كانت قيمته أقلّ من درهم.
وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وأبو الزناد، وربيعة، وابن أبي ذئب، وغيرهم من أهل المدينة، غيرَ مالك، ومن تبعه، وابن جريج، ومسلم بن خالد، وغيرهما من أهل مكة، والأوزاعيّ في أهل الشام، والليث في أهل مصر، والثوريّ، وابن أبي ليلى، وغيرهما من العراقيين، غير أبي حنيفة، ومن تبعه، والشافعيّ، وداود، وفقهاء أصحاب الحديث، وابن وهب من المالكيّة.
وقال أبو حنيفة: أقلّه عشرة، وابن شبرمة: خمسة، ومالك: أقلّه ثلاثة، أو ربع دينار؛ بناءً على اختلافهم في مقدار ما يجب به القطع، وقد قال الدراورديّ لمالك لمّا سمعه يذكر هذه المسألة: تعرّقت يا أبا عبد الله، أي سلكت سبيل أهل العراق في قياسهم مقدار الصداق على مقدار نصاب السرقة.
وقال القرطبيّ: استدلّ من قاسه بنصاب السرقة بأنه عضو آدميّ محترم، فلا يُستباح بأقلّ من كذا قياسًا على يد السارق.
وتعقّبه الجمهور بأنه قياسٌ في مقابلة النصّ، فلا يصحّ، وبأن اليد تُقطع، وتَبِين، ولا كذلك الفرج، وبأن القدر المسروق يجب على السارق ردّه مع القطع، ولا كذلك الصداق.
وقد ضعّف جماعةٌ من المالكيّة أيضًا هذا القياس، فقال أبو الحسن اللخميّ: قياس الصداق بنصاب السرقة ليس بالبيّن؛ لأن اليد إنما قُطعت في ربع دينار نكالًا للمعصية، والنكاح مستباحٌ بوجه جائز. ونحوه لأبي عبد الله بن الفخار منهم.
نعم، قوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}[النساء: ٢٥] يدلّ على أن صداق الحرّة لا بدّ، وأن يكون ما ينطلق عليه اسم مال له قدرٌ؛ ليحصل الفرق بينه وبين مهر الأمة، وأما قوله تعالى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢٤]، فإنه يدلّ على اشتراط ما يُسمّى مالًا في الجملة قلّ أو كثر، وقد حدّه بعض