للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المالكيّة بما تجب فيه الزكاة، وهو أقوى من قياسه على نصاب السرقة، وأقوى من ذلك ردّه إلى المتعارف.

وقال ابن العربيّ: وزن الخاتم من الحديد لا يساوي ربع دينار، وهو مما لا جواب عنه، ولا عُذر فيه، لكن المحقّقين من أصحابنا - يعني المالكيّة - نظروا إلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: ٢٥]، فمنع الله القادر على الطول من نكاح الأمة، فلو كان الطول درهمًا ما تعذّر على أحد.

ثم إنه تعقّبه بأن ثلاثة دراهم كذلك. يعني فلا حاجة فيه للتحديد، ولا سيّما مع الاختلاف في المراد بالطول. ذكره في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين بما سبق أن أرجح الأقوال في المسألة هو ما دل عليه حديث الباب، وحاصله أنه لا حد لأقل المهر، فيجوز أن يكون مهرًا كلُّ ما تراضيا به قلّ أو كثر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): أن في قوله: "أعندك شيء؟، فقال: لا" دليلًا على تخصيص العموم بالقرينة؛ لأن لفظ "شيء" يشمل الخطير والتافه، وهو كان لا يعدم شيئًا تافهًا، كالنواة ونحوها، لكنه فَهِم أن المراد ما له قيمةٌ في الجملة، فلذلك نفى أن يكون عنده، ونقل عياضٌ الإجماع على أن مثل الشيء الذي لا يتموّل، ولا قيمة له لا يكون صداقًا، ولا يحلّ به النكاح. فإن ثبت نقله، فقد خرق هذا الإجماع أبو محمد بن حزم، فقال: يجوز بكلّ ما يُسمّى شيئًا، ولو كان حبّة من شعير، ويؤيّد ما ذهب إليه الكافّة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التمس ولو خاتمًا من حديد"؛ لأنه أورده مورد التقليل بالنسبة لما فوقه، ولا شكّ أن الخاتم من الحديد له قيمة، وهو أعلى خطرًا من النواة، وحبّة الشعير، ومساق الخبر يدلّ على أنه لا شيء دونه يُستحلّ به البضع.

وقد وردت أحاديث في أقلّ الصداق، لا يثبت منها شيء:


(١) "الفتح" ١١/ ٤٨٥ - ٤٨٦.