٢ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على صحة قول مَن قال: أسلمت لله، ولم يزد على ذلك، هكذا قيل: لكن فيه نظر؛ لأن ذلك كافٍ في الكفّ، على أنه ورد في بعض الروايات الإشارة إلى أنه قال: لا إله إلا الله، وهي رواية معمر، عن الزهريّ الآتية بعد هذا.
٣ - (ومنها): أنه استُدِلَّ به على جواز السؤال عن النوازل قبل وقوعها؛ بناءً على ما تقدم ترجيحه من أن المقداد - رضي الله عنه - إنما سأل عمّا لم يقع له، وأما ما نُقِل عن بعض السلف من كراهة ذلك فمحمول على ما يَنْدُر وقوعه، وأما ما يمكن وقوعه عادةً، فيُشْرَع السؤال عنه؛ ليُعْلَم حكمه إذا وقع.
٤ - (ومنها): بيان فضل كلمة التوحيد؛ إذ بقولها عُصِم دم من كان كافرًا طول حياته.
٥ - (ومنها): بيان فضل الصحابة - رضي الله عنهم - حيث إنهم كانوا حريصين على التفقّه في دين الله تعالى، فكانوا يسألون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى عما لم يقع؛ ليعلموا حكمه إذا وقع، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: أورد الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه" بعد هذا الحديث، ما نصّه:
وقال حبيب بن أبي عَمْرة، عن سعيد، عن ابن عباس، قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمقداد:"إذا كان رجل مؤمنٌ، يُخفي إيمانه، مع قوم كفار، فأظهر إيمانه، فقتلته، فكذلك كنت أنت تُخفي إيمانك بمكة من قبل".
فقال في "الفتح": قوله: "وقال حبيب بن أبي عمرة": هو القَصّاب الكوفيّ، لا يعرف اسم أبيه، وهذا التعليق وصله البزّار، والدارقطنيّ في "الأفراد"، والطبراني في "الكبير" من رواية أبي بكر بن عليّ بن عَطَاء بن مُقَدَّم، والد محمد بن أبي بكر الْمُقَدَّميّ، عن حبيب، وفي أوّله: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً فيها المقداد، فلما أَتَوهم وجدوهم تفرَّقوا، وفيهم رجل له مالٌ كثيرٌ، لم يَبْرَح، فقال:"أشهد أن لا إله إلا الله، فأهوى إليه المقداد فقتله … " الحديث، وفيه: فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"يا مقداد، قتلت رجلًا قال: لا إله إلا الله، فكيف لك بلا إله إلا الله؟ " فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ