للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سعد: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - زوّج رجلًا بخاتم من حديد، فصّه فضّة". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة العاشرة): أنه استدلّ به على جواز جعل المنفعة صداقًا، ولو كان تعليم القرآن. قال المازريّ: هذا ينبني على أن الباء للتعويض، كقولك: بعتك ثوبي بدينار، وهذا هو الظاهر، وإلا فلو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه؛ لكونه حاملًا للقرآن لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصّة بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.

وانفصل الأبهريّ، وقبله الطحاويّ، ومن تبعهما، كأبي محمد بن أبي زيد عن ذلك بأن هذا خاصّ بذلك الرجل؛ لكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يجوز له نكاح الواهبة، فكذلك يجوز له أن يُنكحها لمن شاء بغير صداق، ونحوه للداوديّ، وقال: إنكاحها إياه بغير صداق لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقوّاه بعضهم بأنه لما قال له: "ملّكتكها" لم يشاورها، ولا استأذنه.

وهذا ضعيف لأنها هي أوّلًا فوّضت أمرها إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما تقدّم في رواية البخاريّ: "فَرَ رأيك"، وغير ذلك من ألفاظ الخبر التي ذكرنا، فلذلك لم يحتج إلى مراجعتها في تقدير المهر، وصارت كمن قالت لوليّها: زوّجني بما ترى من قليل الصداق وكثيره.

واحتُجّ لهذا القول بما أخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي النعمان الأزديّ، قال: "زوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة على سورة من القرآن، وقال: لا تكون لأحد بعدك مهرًا"، وهذا مع إرساله فيه من لا يُعرف.

وأخرج أبو داود من طريق مكحول قال: ليس لأحد بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأخرج أبو عوانة من طريق الليث بن سعد نحوه.

وقال عياض: يَحْتَمِل قوله: "بما معك من القرآن" وجهين: أظهرهما أن يُعلّمها ما معه من القرآن، أو مقدارًا معيّنًا منه، ويكون ذلك صداقها، وقد جاء هذا التفسير عن مالك، ويؤيّده قوله في بعض طرقه الصحيحة: "فَعَلِّمها من القرآن"، كما تقدّم، وعُيِّنَ في حديث أبي هريرة مقدار ما يعلّمها، وهو عشرون آية.