للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فإن قيل]: كيف يصحّ جعل تعليمها القرآن مهرًا، وقد لا تتعلّم؟.

[أجيب] كما يصحّ جعل تعليمها الكتابة مهرًا، وقد لا تتعلّم، وإنما وقع الاختلاف عند من أجاز جعل المنفعة مهرًا، هل يُشترط أن يعلم حذق المتعلّم، أو لا؟ والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر من الأدلة أن ما ذهب إليه الجمهور من جعل تعليم القرآن مهرًا هو الحقّ؛ لظاهر حديث الباب، وما ذكره المانعون من التأويلات المتقدمة للحديث، فكلها واهية، فلا يُلتفت إليها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): أنه يجوز كون الأجرة صداقًا، ولو كانت المصدوقة المستأجِرة، فتقوم المنفعة من الإجارة مقام الصداق، وهو قول الشافعيّ، وإسحاق، والحسن بن صالح. وعند المالكيّة فيه خلاف، ومنعه الحنفيّة في الحرّ، وأجازوه في العبد إلا في الإجارة في تعليم القرآن، فمنعوه مطلقًا، بناءً على أصلهم في أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن لا يجوز.

وقد نقل عياضٌ جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافّةً إلا الحنفيّة. وقال ابن العربيّ: من العلماء من قال: زوّجه على أن يعلّمها من القرآن، فكانت إجارةً، وهذا كرهه مالكٌ، ومنعه أبو حنيفة، وقال ابن القاسم: يُفسخ قبل الدخول، ويُثبَتُ بعده، قال: والصحيح جوازه بالتعليم، وقد روى يحيى بن مضر عن مالك في هذه القصّة أن ذلك أجرة على تعليمها، وبذلك جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وبالوجهين قال الشافعيّ، وإسحاق، وإذا جاز أن يؤخذ عنه العوض جاز أن يكون عوضًا، وقد أجازه مالك من إحدى الجهتين، فيلزم أن يُجيزه من الجهة الأخرى.

وقال القرطبيّ: قوله: "عَلِّمْها" نصّ في الأمر بالتعليم، والسياق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح، فلا يُلتفتُ لقول من قال: إن ذلك كان إكرامًا للرجل، فإن الحديث يصرّح بخلافه، وقولهم: إن الباء بمعنى اللام ليس بصحيح لغةً، ولا مساقًا. انتهى.