للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الرابع]: أن هذا منقوضٌ عليهم بالشهادة في الرجعة، فإنها مشروعةٌ، إما واجبة، وإما مستحبّةٌ، وهي شرط في صحّة الرجعة على قولٍ، وبالشهادة على البيع، وسائر العقود، فإن ذلك مشروعٌ مطلقًا، سواء كان العقد بصريح، أو كناية مفسّرة.

[الخامس]: أن الشهادة تصحّ على العقد، ويثبت بها عند الحاكم على أيّ صورة انعقدت، فعُلم أن اعتبار الشهادة فيه، لا يمنع ذلك.

[السادس]: أن العاقدين يمكنهما تفسير مرادهما، ويشهد الشهود على ما فسّروه.

[السابع]: أن الكناية عندنا إذا اقترن بها دلالة الحال كانت صريحة في الظاهر بلا نزاع، ومعلوم أن اجتماع الناس، وتقديم الخطبة، وذكر المهر، والمفاوضة فيه، والتحدّث بأمر النكاح قاطع في إرادة النكاح، وأما التعبّد فيحتاج إلى دليل شرعيّ، ثم العقد جنسٌ لا يشرع فيه التعبّد بالألفاظ؛ لأنها لا يُشترط فيها الإيمان، بل تصحّ من الكافر، وما يصحّ من الكافر لا تعبّد فيه، والله أعلم. انتهى كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله شيخ الإسلام - رحمه الله - هو الصواب عندي.

وحاصله أن النكاح ينعقد بكل ما تعارفه الناس من الألفاظ، ولو بغير العربية لمن يحسنها؛ لأنه الموافق لمقاصد الشريعة، فإن الشرع لم يُضَيِّق في النكاح على الناس باتباع صيغة معينة، أو كونه بالعربية، بل هو كسائر العقود الجارية بينهم التي تجوز مطلقًا كالطلاق، والرجعة، والعَتَاق، والبيع، والشراء، والإجارة، وغيرها، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "مجموع الفتاوى" ٣٢/ ١٥ - ١٧.