للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآثار المختلفة في هذا الباب تدلّ دلالةً واضحة فيما صححه ابن المنذر رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم.

(وَجُمِعَ السَّبْيُ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: جمع الجيش ما سَبَوْهُ من أهل خيبر، حتى يُقسم بينهم.

و"السَّبْيُ" - بفتح، فسكون -: هو في الأصل مصدر، وُصف به؛ أي: القوم الْمَسْبِيِّين. قال الفيّوميّ: سَبَيتُ العدوّ سَبْيًا، من باب رمى، والاسم السِّبَاء، وزان كتاب، والقصر لغةٌ، وأسبيتهُ مثله، فالغلام سَبِيٌّ، ومَسْبيٌّ، والجارية سَبِيّةٌ، ومَسْبيّةٌ، وجمعها سَبَايا، مثلُ عطيّة وعطايا، وقَومٌ سَبْيٌ، وَصْفٌ بالمصدر. قال الأصمعيّ: لا يقال للقوم إلا كذلك. انتهى (١).

(فَجَاءَهُ دِحْيَةُ) - بفتح الدال، وكسرها - ابن خليفة بن فَرْوة الكلبيّ الصحابيّ، وكان أجمل الناس وجهًا، وكان جبريل؛ يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صورته، قال ابن سعد: أسلم قديمًا، ولم يشهد بدرًا، وشَهِد المشاهد، وبقي إلى خلافة معاوية، وكان رسول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر، قال الواقديّ: لقيه بحمص في المحرّم سنة سبع. وقال بعضهم: سكن دمشق، وكان منزله بقرية الْمِزَّة. ومات في خلافة معاوية - رضي الله عنه -.

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي جَارِيةً مِنَ السَّبْيِ، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اذْهَبْ، فَخُدْ جَارِيَةً") قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون إذنه - صلى الله عليه وسلم - له في أخذ الجارية على سبيل التنفيل له، إما من أصل الغنيمة، أو من خمس الخمس، بعد أن مُيِّز، أو قبلُ على أن تُحسب منه إذا مُيِّز، أو أذن له في أخذها؛ لتقوّم عليه بعد ذلك، وتُحسب من سهمه. انتهى (٢).

وقال الكرمانيّ: فإن قلت: كيف جاز للرسول - صلى الله عليه وسلم - إعطاؤها لدحية قبل القسمة؟.

قلت: صفي المغنم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فله أن يعطيه لمن شاء.

وتعقّبه العينيّ، فقال: هذا غير مقنع؛ لأنه قال له ذلك قبل أن يُعَيِّن الصفيّ، وههنا أجوبة جيدة.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٥.
(٢) "الفتح" ٢/ ٨٧.