للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ: قوله: "فُحِصَتِ الأرض أفاحيص"؛ أي: كُشفت عما يمنع القعود عليها من حجارةٍ، وعُشب، وغير ذلك، وسوِّيت حتى خَلَص إلى التراب، ومنه: مَفْحَص القطاة، وهو: الموضع الذي تتخذه لبيضها، وواحد الأفاحيص: أُفْحوص. انتهى (١).

وقوله: (قَالَ) أنس (وَقَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي أَتَزَوَّجَهَا. . . إلخ) فيه الفرق بين الحرّة والأمة في لزوم الحجاب، فإنه واجب على الحرّة دون الأمة.

وقال القرطبيّ: وقولهم: "إن حَجَبَها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد" هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان أبان لهم أمرها، ولا أشهدهم على تزويجها، فيكون فيه دليل على جواز عقد النكاح من غير إشهاد، وبه قال الزهريّ، ومالك، وأهل المدينة، وأبو ثور، وجماعة من السَّلف. وذهب آخرون: إلى أنه لا يجوز إلا بشاهدي عدل. وهو قول جماعة من الصَّحابة، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد. وقال أبو حنيفة مثله، إلا أنه لا يشترط العدد. واتفق الجميع على أنه شرطٌ في الدُّخول.

وعلى هذا فيكون دخوله - صلى الله عليه وسلم - بصفيّة من غير إشهادٍ من خصائصه.

ولم يختلف أحدٌ من العلماء في أن كل نكاح استُسِرَّ به، وليس فيه شاهدان أنَّه نكاح السرّ المنهيّ عنه، ويُفسخ أبدًا.

واختلفوا فيما إذا استسرَّ مع الشاهد، فذهب الجمهور إلى أنه ليس بنكاح سرٍّ، ولا يُفسخ، وهو عند مالك نكاح سرٍّ، ويُفسخ. انتهى (٢).

وقوله: (دَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَدَفَعْنَا)؛ أي: أجرينا، ورفعنا السير إلى غايته.

وقوله: (فَعَثَرَتِ) - بفتح العين المهملة -، من باب نصر، وضرب، وعلم، وكرُم؛ أي: كبا، وسقط.

وقوله: (الْعَضْبَاءُ) يقال: عَضِبَتِ الشاة، والناقة عَضَبًا، من باب تَعِبَ: إذا شُقّ أذنها، فالذكر أَعْضَبُ، والأنثى عَضْبَاءُ، مثل أحمر وحمراء، ويعدّى


(١) "المفهم" ٤/ ١٤٣.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٤٤، ١٤٥.