للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن ابن عمر - رضي الله عنهما - أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، وقد تقدّم غير مرّة، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا") أي فليأت مكانها، والتقدير: إذا دُعِي إلى مكان وليمة فليأتها، ولا يضرّ إعادة الضمير مؤنَّثًا، قاله في "الفتح" (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: فيه الأمر بحضور الوليمة، ولا خلاف في أنه مأمور به، ولكن هل هو أمر إيجاب، أو ندب؟ فيه خلاف، الأصح في مذهبنا أنه فرض عين على كل من دُعِي، لكن يسقط بأعذار، سنذكرها - إن شاء الله تعالى - والثاني: أنه فرض كفاية، والثالث: مندوب، هذا مذهبنا في وليمة العرس، وأما غيرها، ففيها وجهان لأصحابنا: أحدهما: أنها كوليمة العرس، والثاني أن الإجابة إليها ندب، وإن كانت في العرس واجبة، ونَقَل القاضي عياض اتّفاق العلماء (٢) على وجوب الإجابة في وليمة العرس، قال: واختلفوا فيما سواها، فقال مالك، والجمهور: لا تجب الإجابة إليها، وقال أهل الظاهر: تجب الإجابة إلى كل دعوة من عرس وغيره، وبه قال بعض السلف.

قال: وأما الأعذار التي يَسقُط بها وجوب إجابة الدعوة، أو ندبها، فمنها: أن يكون في الطعام شبهة، أو يخص بها الأغنياء، أو يكون هناك من يتأذى بحضوره معه، أو لا تليق به مجالسته، أو يدعوه لخوف شَرّه، أو لطمع في جاهه، أو ليعاونه على باطل، وأن لا يكون هناك منكر، من خمر، أو لهو، أو فَرْش حرير، أو صُوَر حيوان غير مفروشة، أو آنية ذهب، أو فضة، فكل هذه أعذار في ترك الإجابة.

ومن الأعذار أن يعتذر إلى الداعي فيتركه، ولو دعاه ذميّ لَمْ تجب إجابته على الأصح. ولو كانت الدعوة ثلاثة أيام، فالأول تجب الإجابة فيه، والثاني


(١) "الفتح" ١١/ ٥٤١.
(٢) سيأتي تعقّب دعوى الاتّفاق، فتنبّه.