للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خامسًا، وكان سبب إسلامه رؤيا رآها أنه على شِعْب نار، فأراد أبوه أن يَرميه فيها، فإذا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ بحُجْزته، فأصبح، فأَتَى أبا بكر، فقال: اتَّبِعْ محمدًا، فإنه رسول الله، فجاء، فأسلم، فبلغ أباه، فعاقبه، ومنعه القُوتَ، ومنع إخوته من كلامه، فتغيب، حتى خرج بعد ذلك إلى الحبشة، فكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، ووُلد له هناك بنته أم خالد، قيل: استُشْهِد خالد يوم مَرْج الصُّفْر، وقيل: يوم أجنادين، وقد اختَلَف أهل التاريخ أيُّهما كان قبلُ، والله أعلم، ذكره في "الإصابة" (١).

وليس له في الكتب الستّة رواية، وإنما له ذكرٌ فقط.

و (بِالْبَابِ) أي ببابه - صلى الله عليه وسلم - (يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ) أي في الدخول، وفي الرواية التالية: "وخالد بن سعيد بن العاص جالسٌ بباب الْحُجْرة، لم يُؤذن له" (فَنَادَى يَا أَبَا بَكْرٍ: ألَا تَسْمَعُ هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ) "ما" موصولة بدل من اسم الإشارة (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟) وفي الرواية التالية: "فطفق خالذ يُنادي أبا بكر: ألا تزجُر هذه عما تجهر به عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"؟.

كَرِه - رضي الله عنه - جهرها بما هو خليق بالإخفاء، ولا سيّما من النساء أمامه - صلى الله عليه وسلم -.

قال في "الفتح": وفيه ما كان الصحابة - رضي الله عنهم - عليه من سلوك الأدب بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنكارهم على من خالف ذلك بفعله، أو قوله؛ لقول خالد بن سعيد لأبي بكر الصدّيق - رضي الله عنهما -، وهو جالس: "ألا تنهى هذه؟ "، وإنما قال خالد ذلك لأنه كان خارج الحجرة، فاحتَمَل عنده أن يكون هناك ما يمنعه من مباشرة نهيها بنفسه، فأمر به أبا بكر؛ لكونه جالسًا عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مشاهدًا لصورة الحال، ولذلك لما رأى أبو بكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتبسّم عند مقالتها لم يزجرها، وتبسّمه - صلى الله عليه وسلم - كان تعجّبًا منها، إما لتصريحها بما يستحيي النساء من التصريح به غالبًا، وإما لضعف عقل النساء؛ لكون الحامل لها على ذلك شدّة بغضها في الزوج الثاني، ومحبّتها في الرجوع إلى الزوج الأول، ويستفاد منه جواز وقوع ذلك. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٢) "الفتح" ١٢/ ١٩٩ - ٢٠٠.