وأحسب التذكير لغة، وقال الأزهريّ: يُذكّر، ويؤنّث، وقيل: لأن العرب إذا حقّرت الشيءَ أدخلت فيه هاء التأنيث، ومن ذلك قولهم: دُريهمات، فجمعوا الدرهم جمعَ المؤنّث عند إرادة التحقير، وقالوا أيضًا في تصغير هند: هُنيدة، وقيل: التأنيث باعتبار الوطأة إشارة إلى أنها تكفي في المقصود من تحليلها للزوج الأول، وقيل: المراد قطعة من العسل، والتصغير للتقليل إشارة إلى أن القدر القليل كافي في تحصيل الحلّ، قال الأزهريّ: الصواب أن معنى الْعُسَيلة حلاوة الجماع الذي يحصل بتغييب الحشفة في الفرج، وأنّث تشبيهًا بقطعة من عسل، وقال الداوديّ: صُغّرت لشدّة شبهها بالعسل، وقال أبو عبيد: العسيلة لذّة الجماع، والعرب تُسمّي كل شيء تستلذّه عَسَلًا.
وقال الجوهريّ: صُغّرت العَسَلة بالهاء؛ لأن الغالب في العسل التأنيث، قال: ويقال: إنما أنّث لأنه أريد به العسلة، وهي القطعة منه، كما يقال للقطعة من الذهب: ذَهَبَة. انتهى.
وقيل: معنى الْعُسَيلة: النطفة. وهذا يوافق قول الحسن البصريّ القائل باشتراط حصول الإنزال في صحّة التحليل، وخالف بذلك جمهور العلماء، فإنهم جعلوا الشرط إدخال الحشفة في الفرج فقط، وهو الحقّ، فقد جاء تفسير العُسَيْلة بالجماع مرفوعًا، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، ولفظه:
حدثنا مروان، قال: أخبرنا أبو عبد الملك المكي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"الْعُسَيلة هي الجماع".
ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير: أبي عبد الملك، وهو إسماعيل بن عبد الملك بن الصُّفير، قال ابن معين في رواية: ليس به بأس، وقال البخاريّ، وابن عديّ: يُكتب حديثه، وتكلّم فيه غيرهم، وقال في "التقريب": صدوق، كثير الوهم. انتهى.
وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.
و (قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (وَأَبُو بَكْرٍ) الصدّيق - رضي الله عنه -، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" ٨/ ١٣٣. (عِنْدَهُ) أي جالس عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والجملة في محلّ نصب على الحال (وَخَالِدٌ) أي ابن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس الأمويّ، أبو سعيد، أمه أم خالد بنت حُباب الثقفيّة، من السابقين الأولين، قيل: كان رابعًا، أو