للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا تتولى العقد بمجرّدها، فتعيّن أن المراد به في حقّها الوطء، ومن شرطه اتفاقًا أن يكون وطأً مباحًا، فيحتاج إلى سبق العقد.

ويمكن أن يقال: لما كان اللفظ محتملًا للمعنيين بيّنت السنّة أنه لا بدّ من حصولهما، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): أنه استُدلّ بحديث الباب على أن المرأة لا حقّ لها في الجماع؛ لأن هذه المرأة شكت زوجها أنه لا يطؤها، وأن ذَكَره لا ينتشر، وأنه ليس معه ما يغني عنها، ولم يفسخ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نكاحها بذلك، ومن ثمّ قال إبراهيم بن إسماعيل بن عليّة، وداود بن عليّ: لا يفسخ بالْعُنّة، ولا يُضرب لِلْعِنِّين أجل.

وقال ابن المنذر: اختلفوا في المرأة تطالب الرجل بالجماع، فقال الأكثر: إن وطئها بعد أن دخل بها مرّة واحدةً لم يؤجّل أجل العنّين، وهو قول الأوزاعيّ، والثوريّ، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعيّ، وإسحاق، وقال أبو ثور: إن ترك جماعها لعلّة أُجّل سنة، وإن كان لغير علّة فلا تأجيل.

وقال القاضي عياض: اتفق كافّة العلماء على أن للمرأة حقًّا في الجماع، فيثبت لها الخيار إذا تزوّجت المجبوب، والممسوح، جاهلةً بهما، ويُضرَب للعنّين أجلٌ سنة؛ لاحتمال زوال ما به.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي نقله عياض - رحمه الله - عن كافّة العلماء من أن للمرأة حقًّا في الجماع هو الحقّ؛ لأن الله تعالى أوجب على الزوج المعاشرة بالمعروف، وهو من المعروف، وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]، وقد عُلِم الحقّ للرجل على امرأته أن يُجامعها، فكذلك لها ذلك، والله تعالى أعلم.

قال في "الفتح": وأما استدلال داود ومن يقول بقوله بقصّة امرأة رفاعة، فلا حجة فيها؛ لأن في بعض طرقه أن الزوج الثاني كان أيضًا طلّقها، كما وقع عند مسلم صريحًا من طريق القاسم، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "طلّق رجلٌ امرأته ثلاثًا، فتزوّجها رجلٌ آخر، فطلّقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجها الأول أن يتزوّجها، فسُئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ فقال: لا. . ." الحديث، وأصله عند البخاريّ في أوائل "الطلاق"، ووقع في حديث الزهريّ، عن عروة عند