البخاريّ في "اللباس" في آخر الحديث بعد قوله: "حتى تذوقي عُسيلته، ويذوق عُسيلتك"، قال: ففارقته بعد، زاد ابن جريج عن الزهريّ في هذا الحديث:"أنها جاءت بعد ذلك إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنه - يعني زوجها الثاني - مسّها، فمنعها أن ترجع إلى زوجها الأول"، وصرّح مقاتل بن حيّان في تفسيره، مرسلًا:"قالت: يا رسول الله إنه كان مسّني، فقال: كذبت بقولك الأول، فلن أُصدّقك في الآخر، وأنها أتت أبا بكر، ثم عمر، فمنعاها".
وكذا وقعت هذه الزيادة الأخيرة في رواية ابن جريج المذكورة، أخرجها عبد الرزاق، عنه.
ووقع عند مالك في "الموطّإ" عن الْمِسْوَر بن رفاعة، عن الزَّبِير بن عبد الرحمن بن الزَّبير، زاد خارج "الموطّإ" فيما رواه ابن وهب عنه، وتابعه إبراهيم بن طهمان، عن مالك عند الدارقطنيّ في "الغرائب"، عن أبيه:"أن رفاعة طلّق امرأته تميمة بنت وهب ثلاثًا، فنكحها عبد الرحمن، فاعتُرِضَ عنها، فلم يستطع أن يمسّها، ففارقها، فأراد رفاعة أن يتزوّجها. . ." الحديث.
ووقع عند مسلم من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن المرأة يتزوّجها الرجل، فيُطلّقها، فتتزوّج رجلًا، فيُطلّقها قبل أن يدخل بها، أتحلّ لزوجها الأول؟ قال:"لا، حتى يذوق عسيلتها".
وأخرج الطبريّ، وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - نحوه، والطبريّ أيضًا، والبيهقيّ من حديث أنس - رضي الله عنه - كذلك، وكذا وقع في رواية حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"أن عمرو بن حزم طلّق الْغُميصاء، فنكحها رجلٌ، فطلّقها قبل أن يمسّها، فسألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟، فقال: لا، حتى يذوق الآخر عسيلتها، وتذوق عسيلته"، وأخرجه الطبرانيّ، ورواته ثقات.
قال الحافظ: فإن كان حماد بن سلمة حفظه، فهو حديث آخر لعائشة في قصّة أخرى، غير قصّة امرأة رفاعة، وله شاهد من حديث عُبيد الله - بالتصغير - ابن عباس، عند النسائيّ، كما سيأتي في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.