النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنه طلّقني قبل أن يمسّني، أفأرجع إلى ابن عمّي، زوجي الأول؟ قال: لا" الحديث.
قال الحافظ: وهذا الحديث إن كان محفوظًا، فالواضح من سياقه أنها قصّة أخرى، وأنّ كلًّا من رفاعة القُرظيّ، ورفاعة النضريّ وقع له مع زوجة له طلاقٌ، فتزوّج كلًّا منهما عبدُ الرحمن بن الزَّبِير، فطلّقها قبل أن يمسّها، فالحكم في قصّتهما متّحدٌ مع تغاير الأشخاص.
وبهذا يتبيّن خطأ من وحّد بينهما، ظنًّا منه أن رفاعة بن سَمَوْأَل هو رفاعة بن وهب، فقال: اختُلف في امرأة رفاعة على خمسة أقوال، فذكر الاختلاف في النطق بتميمة، وضمّ إليها عائشة، والتحقيق ما تقدّم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: جزمه في تخطئة من وحّد بينهما فيه نظر لا يخفى؛ إذ هو مُحْتَمِلٌ، كما أبداه هو بعد ورقتين، حيث قال ما نصّه: وقد قدّمتُ أنه وقع لكل من رفاعة بن سموأل، ورفاعة بن وهب أنه طلّق امرأته، وأن كلًّا منهما تزوّجها عبد الرحمن بن الزَّبير، وأن كلًّا منهما شَكَتْ أنه ليس معه إلا مثلُ الهدبة، فلعلّ إحدى المرأتين شكته قبل أن يفارقها، والأخرى بعد أن يفارقها.
ويَحْتمل أن تكون القصّة واحدةً، ووقع الوهم من بعض الرواة في التسمية، أو في النسبة، وتكون المرأة شَكَت مرّتين من قبل المفارقة، ومن بعدها، والله أعلم انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الأخير عندي هو الأقرب، والله تعالى أعلم.
ووقع أيضًا لأبي رُكانة قصّة أخرى، فقد أخرج أبو داود، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: طلّق عبد يزيد، أبو رُكانة أم رُكانة، ونكح امرأة من مُزينة، فجاءت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ما يُغني عنّي إلا كما تُغني هذه الشعرة - لشعرة أخذتها من رأسها - ففرِّق بيني وبينه، قال: فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد: "طلّقها، وراجع أمّ ركانة، ففعل"، وهو حديث ضعيف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.