للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَمَلناه على الضرر في العقل والبدن، فلا يمتنع، وقال القاضي عياض: قيل: المراد أنه لا يصرعه الشيطان، وقيل: لا يطعن فيه عند ولادته، بخلاف غيره، قال: ولم نَحْمِله على العموم في جميع الضرر؛ لوجود الوسوسة، والإغراء، يعني الحمل على فعل المعاصي، وقال الداوديّ: "لم يضره" بأن يفتنه بالكفر. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "لم يضرّه شيطان" كذا بالتنكير، وفي رواية شعبة عند مسلم وأحمد: "لم يُسَلَّط عليه الشيطان، أو لم يضره الشيطان"، وكذا هو عند البخاريّ في "بدء الخلق" بلفظ: "الشيطان"، واللام للعهد المذكور في لفظ الدعاء، ولأحمد عن عبد العزيز العَمِّيّ، عن منصور: "لم يضرّ ذلك الولد الشيطان أبدًا"، وفي مرسل الحسن، عن عبد الرزاق: "إذا أتى الرجل أهله، فليقل: بسم الله، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا، ولا تجعل للشيطان نصيبًا فيما رزقتنا، فكان يُرْجَى إن حملت أن يكون ولدًا صالِحًا".

واختُلِف في الضرر المنفيّ بعد الاتفاق على ما نَقَلَ عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضرر، وإن كان ظاهرًا في الحمل على عموم الأحوال، من صيغة النفي، مع التأبيد، وكان سبب ذلك ما أخرجه البخاريّ في "بدء الخلق": "أن كل بني آدم يطعُن الشيطان في بطنه حين يولد إلا من استثني" (٢)، فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة، مع أن ذلك سبب صراخه.

ثم اختلفوا، فقيل: المعنى لم يُسَلَّط عليه، من أجل بركة التسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}،


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٢٦٩.
(٢) هو ما أخرجه البخاريّ في "بدء الخلق" من "صحيحه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه، حين يولد، غير عيسى ابن مريم، ذهب يطعن، فطعن في الحجاب".
وأخرجه مسلم في "الفضائل" بلفظ: "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهلّ صارخًا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم، وأمّه".