ويؤيده مرسل الحسن المذكور، وقيل: المراد لم يطعُن في بطنه، وهو بعيدٌ، لمنابذته ظاهر الحديث المتقدم، وليس تخصيصه بأولى من تخصيص هذا، وقيل: المراد لم يَصْرَعه، وقيل: لم يضرّه في بدنه.
وقال ابن دقيق العيد: يَحْتَمِل أن لا يضرّه في دينه أيضًا، ولكن يُبعده انتفاء العصمة.
وتُعُقِّب بأن اختصاص مَن خُصّ بالعصمة بطريق الوجوب، لا بطريق الجواز، فلا مانع أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمدًا، وإن لم يكن ذلك واجبًا له.
وقال الداوديّ: معنى "لم يضرّه" أي لم يَفْتنه عن دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته منه عن المعصية، وقيل: لم يضرّه بمشاركة أبيه في جماع أمه، كما جاء عن مجاهد أن الذي يجامع، ولا يسمي يَلْتَفّ الشيطان على إحليله، فيجامع معه.
ولعل هذا أقرب الأجوبة، ويتأيد الحمل على الأول بأن الكثير ممن يَعرف هذا الفضل العظيم يَذْهَل عنه عند إرادة المواقعة، والقليل الذي قد يستحضره ويفعله، لا يقع معه الحمل، فإذا كان ذلك نادرًا لم يبعد.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن أَوْلى الأجوبة هو الأول، وهو أنه لا يسلّط عليه الشيطان، بل يكون من جملة عباد الله المحفوظين الذين قال تعالى في حقّهم:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٩/ ٣٥٣٣ و ٣٥٣٤](١٤٣٤)، و (البخاريّ) في "الوضوء"(١٤١)، و "بدء الخلق"(٣٢٧١ و ٣٢٨٣)، و"النكاح"(٥١٦٥ و ٦٣٨٨ و ٧٣٩٦)، و (أبو داود) في (٢١٦١)، و (الترمذيّ) في (١٠٩٢)، و (النسائيّ) في "عمل اليوم والليلة"(٢٦٦ و ٢٦٩)، و (ابن ماجه) في (١٦١٩)،