للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمرو بن حرام الصحابيّ ابن الصحابيّ - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: كَانَت الْيَهُودُ) القبيلة المشهورة (تَقُولُ إِذَا أَتَى) أي جامع (الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا) أي من جهة دبرها (فِي قُبُلِهَا) أي فرجها، وفي الرواية التالية: "إذا أتيت المرأة من دبرها، فَحَمَلت"، وفي رواية الإسماعيليّ، من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن سفيان الثوريّ، بلفظ: "باركةً، مُدبِرةً في فرجها، من ورائها"، وقوله: "فحَمَلت" يدلّ على أن مراده أن الإتيان في الفرج، لا في الدبر (كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ) وفي الرواية التالية: "أن يهود كانت تقول: إذا أُتيت المرأة من دبرها في قبلها، ثم حَمَلت، كان ولدها أحول"، و"الأحول" صفة مشبّهة من حَوِل، قال المجد - رحمه الله -: الْحَوَلُ مُحَرَّكَةً: ظهور البياض في موخَّر العين، ويكون السواد من قِبَل الماق، أو إقبال الْحَدَقَة على الأنف، أو ذهاب حَدَقَتها قِبَل مُؤَخَّرها، أو أن تكون العين كأنما تنظر إلى الْحِجَاجِ، أو أن تميل الْحَدَقة إلى اللِّحَاظ، وقد حَوِلَت، وحالت تَحَالُ، واحْوَلَّتْ احْوِلَالًا، ورجلٌ أحَوْلُ، وحَوِلٌ، كَكَتِفٍ، وأحال عينَهُ، وحَوَّلها: صيّرها حَوْلَاء. انتهى (١).

(فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}) أي محلّ زرعكم الولد، وقال أبو السعود في "تفسيره": أي مواضع حرث لكم، شبّههُنّ بها لما بين ما يُلقَى في أرحامهنّ من النطف، وبين البذور من المشابهة، من حيث إن كلًّا منهما مادّةُ ما يحصل منه، وقال الخازن: حرث لكم: أي مزرع لكم، ومنبت للولد، وهذا على سبيل التشبيه، فجعل فرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالزرع. انتهى (٢).

وقال أبو عبد الله القرطبيّ - رحمه الله - بعد إيراده أحاديث النهي عن إتيان المرأة في دبرها - ما نصّه: هذه الأحاديث نصّ في إباحة الحال، والهيئات، كلّها، إذا كان الوطء في موضع الحرث، أي كيف شئتم، من خلف، ومن قدام، وباركةً، ومستلقية، ومضطجعةً، فأما الإتيان في غير المأتيّ فما كان مباحًا، ولا يباح، وذِكْرُ الحرث يدلّ على أن الإتيان في غير المأتيّ محرَّمٌ،


(١) "القاموس المحيط" ٣/ ٣٤٦.
(٢) راجع: "حاشية الجمل على تفسير الجلالين" ١/ ١٨٠.