للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و {حَرْثٌ} تشبيهٌ؛ لأنهن مُزْدَرَعُ الذريّة، فلفظ الحرث يُعطِي أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج خاصّة؛ إذ هو المزدرع، وأنشد ثعلب:

إِنَّمَا الأَرْحَامُ أَرْضُو … نَ لَنَا مُحْتَرَثَاتُ

فَعَلَيْنَا الزَّرْعُ فِيهَا … وَعَلَى اللهِ النَّبَاتُ

ففرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات، فالحرث بمعنى المحترَث، ووَحَّدَ الحرث؛ لأنه مصدر، كما يقال: رجلٌ صَوْمٌ، وقَوْمٌ صَوْمٌ. انتهى (١).

({فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}) أي: محلّه، وهو القُبُل ({أَنَّى شِئْتُمْ}) أي: كيف شئتم، من قيام، وقعود، واضطجاع، وإقبال، وإدبار، وقال أبو السعود: لما عبّر عنهنّ بالحرث عبّر عن مجامعتهنّ بالإتيان، وهو بيان لقوله تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [٢٠/ ٣٥٣٥ و ٣٥٣٦ و ٣٥٣٧] (١٤٣٥)، و (البخاريّ) في "التفسير" (٤٥٢٨)، و (أبو داود) (٢١٦٣)، والترمذيّ (٢٩٧٨)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٥/ ٣١٣)، و (الحميديّ) في "مسنده" (٢/ ٥٣٢)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٤/ ١١٠)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٧/ ١٩٤)، و"الصغرى" (٦/ ١٨٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان سبب نزول الآية الكريمة، قال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: حديث جابر - رضي الله عنه - هذا نصٌّ على أن هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود المذكور فيه، وفي كتاب أبي داود عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنها


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ٣/ ٩٣.