للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نزلت بسبب أن رجلًا من المهاجرين تزوّج أنصاريّةً، فأراد أن يطأها شَرْحًا (١)، على عادتهم في وطء نسائهم، فأبت إلا على جنب على عادتهنّ، فاختصما إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]؛ أي: مقبلات، ومُدبراتٍ، ومستلقياتٍ، يعني بذلك موضع الولد.

قال القرطبيّ: هذان سببان مختلفان، لا بُعد في نزول الآية جوابًا للفريقين في وقت واحد، أو تكرّر نزول الآية في وقتين مختلفين، كما قد رُوي عن غير واحد من النّقَلة في الفاتحة أنها تكرّر نزولها بمكة والمدينة. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): بيان جواز جماع المرأة من أيّ جهة شاء، مقبلة، أو مدبرةً، أو مستلقية، أو مضطجعة، أو قائمة، أو قاعدة، بشرط كونه في فرجها.

٣ - (ومنها): أن فيه تحريم وطء المرأة في دُبُرها؛ لأنه تعالى قال: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}، والحرث محل الزرع، والدبر ليس محل الزرع، فدلّ على الإتيان لا يكون منه، وعلى هذا جمهور أهل العلم، وقد روي عن بعضهم جوازه، وسيأتي مناقشته في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فيما قال العلماء في معنى هذه الآية الكريمة:

قال النوويّ - رحمه الله -: قال العلماء: قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}: أي موضع الزرع من المرأة، وهو قُبُلها الذي يُزْرَع فيه المنيّ؛ لابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قُبُلها إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة، وأما الدبر فليس هو بحرث، ولا موضع زرع، ومعنى قوله: {أَنَّى شِئْتُمْ} أي: كيف شئتم، واتفق العلماء الذين يُعْتَدّ بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها، حائضًا كانت، أو طاهرًا؛ لأحاديثَ كثيرة مشهورة، كحديث:


(١) يقال: شَرَح فلانٌ زوجته: إذا وطئها مستلقية على قفاها.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٥٦ - ١٥٧.