للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأمة السرّيّة، فإن كانت أمة تحت حرّ، فعليه أن يستأمرها"، وهذا نصّ في المسألة، فلو كان مرفوعًا لم يجُز العدول عنه.

وقد استنكر ابن العربيّ القول بمنع العزل عمن يقول بأن المرأة لا حقّ لها في الوطء، ونقل عن مالك أن لها حقّ المطالبة به إذا قصد بتركه إضرارها (١)، وعن الشافعيّ، وأبي حنيفة: لا حقّ لها فيه إلا في وطأة واحدة يستقرّ بها المهر، قال: فإذا كان الأمر كذلك، فكيف يكون لها حقّ في العزل؟ فإن خصّوه بالوطئة الأولى، فيمكن، وإلا فلا يسوغ فيما بعد ذلك إلا على مذهب مالك بالشرط المذكور. انتهى.

وما نقله عن الشافعيّ غريبٌ، والمعروف عند أصحابه أنه لا حقّ لها أصلًا، نعم جزم ابن حزم بوجوب الوطء، وبتحريم العزل، واستند إلى حديث جُدامة بنت وهبٍ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن العزل، فقال: "ذلك الوأد الخفيّ"، أخرجه مسلم.

وهذا معارض بحديثين: أحدهما أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، وصححه من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر، قال: "كانت لنا جواري، وكنّا نعزل، فقالت اليهود: إن تلك الموءودة الصغرى، فسُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ فقال: كذبت اليهود، لو أراد الله خلقه لم تستطع ردّه".

وأخرجه النسائيّ من طريق هشام، وعليّ بن المبارك، وغيرهما عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي مُطيع ابن رفاعة، عن أبي سعيد نحوه.


(١) قال الجامع: هذا هو الصواب الذي عليه النصوص، فقد أوجب الله تعالى لهنّ مثل ما عليهنّ في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الآية، فكما أن عليها التمكين من جماعها إذا أراد، فكذلك عليه أن يُجامعها إذا طلبت منه ذلك، وليس هناك مانع، من مرض، أو نحوه، لظاهر الآية المذكورة.
والحاصل أن ما نقل عن مالك - رحمه الله - هو الأرجح في المسألة، فتبصّر، والله تعالى أعلم.