للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[ذكرُ الخبر الدّالّ على أن هذا الفعل مزجورٌ عنه، لا يُباح استعماله]، ثم ساق حديث أبي ذرّ رفعه: "ضعه في حلاله، وجنّبه حرامه، وأقرره، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر". انتهى.

ولا دلالة فيما ساقه على ما ادّعاه من التحريم، بل هو أمر إرشاد لما دلّت عليه بقيّة الأخبار، والله أعلم.

وعند عبد الرزّاق وجة آخر عن ابن عبّاس أنه أنكر أن يكون العزل وأدًا، وقال: "المنيّ يكون نطفةً، ثم علقة، ثم مضغةً، ثم عظمًا، ثم يُكسى لحمًا، قال: والعزل قبل ذلك كله".

وأخرج الطحاويّ من طريق عبد الله بن عديّ بن الخيار عن عليّ نحوه في قصّة حرب عند عمر، وسنده جيّد. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما ذُكر أن الأرجح قول من قال بجواز العزل للحاجة، وأن الأولى عدم فعله، وبهذا تجتمع الأدلة في هذا الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: اختلف القائلون بالنهي عن العزل في علّة النهي، فقيل: لتفويت حقّ المرأة، وقيل: لمعاندة القَدَر، وهذا الثاني هو الذي تقتضيه معظم الأخبار الواردة في ذلك، والأول مبنيّ على صحّة الخبر المفرّق بين الحرّة والأمة، وقال إمام الحرمين: موضع المنع أنه ينزع بقصد الإنزال خارج الفرج خشية العلوق، ومتى فُقِد ذلك لم يُمنع، وكأنه راعى سبب المنع، فإذا فُقد بقي أصل الإباحة، فله أن ينزع متى شماء حتى لو نزع، فأنزل خارج الفرج اتفاقًا، لم يتعلّق به النهي. قاله في "الفتح" (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في حكم معالجة إسقاط النطفة، واستعمال الأدوية لذلك، أو لمنع الحمل، وحكم تحديد النسل:

قال في "الفتح" بعد ذكر ما تقدّم في المسألة الماضية ما نصّه: ويُنتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح، فمن قال بالمنع


(١) "الفتح" ١١/ ٦٤٨ - ٦٥١.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٥١.