للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): بيان أن ما حَرُم بالرضاع هو الذي يحرم بالنسب.

٣ - (ومنها): بيان مشروعيّة استئذان المَحْرَم على محرمه.

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رحمه الله -: في الحديث دلالة على أن الرضاع يَنْشُر الحرمة بين الرضيع والمرضعة، وزوجها، يعني الذي وقع الإرضاع بين ولده منها، أو السيد، فإذا أرضعت المرأة صبيًّا حرمت على الصبيّ؛ لأنها تصير أمه، وأمها؛ لأنها جدّته فصاعدًا، وأختها؛ لأنها خالته، وبنتها؛ لأنها أخته، وبنت بنتها فنازلًا؛ لأنها بنت أخته، وبنت صاحب اللبن؛ لأنها أخته، وبنت بنته فنازلًا؛ لأنها بنت أخته، وأمه فصاعدًا؛ لأنها جدّته، وأخته؛ لأنها عمته، ولا يتعدى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع، فليست أخته من الرضاعة أختًا لأخيه، ولا بنتا لأبيه؛ إذ لا رضاع بينهم.

قال: والحكمة في ذلك أن سبب التحريم ما يَنفَصِل من أجزاء المرأة، وهو اللبن، ويتّصل بالرضيع، فيتغذّى به، فتصير أجزاؤها أجزاءه، فينتشر التحريم بينهما، واعتَبَر في حقّ صاحب اللبن أن وجود اللبن بسبب مائه وغذائه، فأما قرابات الرضيع فليس بينهم، ولا بين المرضعة، ولا زوجها نسبٌ، ولا سببٌ، فتدبّره. انتهى (١).

٥ - (ومنها): ما قاله القرطبي - رحمه الله - أيضًا: قوله: "إن الرضاعة تُحرّم ما تُحَرِّم الولادة"، وفي رواية: "يَحْرُم من الرضاعة ما يَحْرُم من النسب"، دليلٌ على جواز نقل الرواية بالمعنى إن كانت القصّة واحدة، ويَحْتَمِل أن يكون تكرّر ذلك المعنى منه - صلى الله عليه وسلم - باللفظين المختلفين، وقد صرّح الرواة عن عائشة - رضي الله عنها - برفع هذه الألفاظ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهي مسندة مرفوعة، ولا يضرّها وقف من وقفها على عائشة - رضي الله عنها -، كما جاء في الرواية الأخرى. انتهى (٢).

قال الحافظ - رحمه الله - بعد ذكر ما قاله القرطبيّ من الاحتمالين ما نصّه: الثاني هو المعتمد، فإن الحديثين مختلفان في القصة، والسبب، والراوي، وإنما يأتي ما قال إذا اتحد ذلك، وقد وقع عند أحمد من وجه آخر: عن عائشة - رضي الله عنها -:


(١) "المفهم" ٤/ ١٧٧ - ١٧٨ بزيادة من "الفتح" ١١/ ٣٧٥.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٧٧.