للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكأن عليًّا لم يعلم بأن حمزة رضيع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو جوّز الخصوصيّة، أو كان ذلك قبيل تقرير الحكم. قال القرطبيّ: وبعيد أن يقال عن عليّ: لم يعلم بتحريم ذلك. قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ ") بتقدير أداة الاستفهام، أي هل عندكم امرأة تصلُح للنكاح؟، ولفظ النسائيّ: "وعندك أحدٌ؟ ".

[تنبيه]: إنما ذَكَّر لفظ "أحد" وإن كان المراد المرأة؛ لأنه يطلق على الذكر والأنثى، والواحد والكثير. قال الفيّوميّ: و "أَحَدٌ" أصله وَحَدٌ، فأُبدلت الواو همزةً، ويقع على الذكر والأنثى، وفي التنزيل: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [الأحزاب: ٣٢]، ويكون بمعنى "شيء"، وعليه قراءة ابن مسعود: "وإن فاتكم أحد من أزواجكم"، أي شيءٌ، ويكون أحدٌ مرادفًا لواحدٍ في موضعين سماعًا:

[أحدهما]: وصف اسم الباري تعالى، فيقال: هو الواحد، وهو الأحد؛ لاختصاصه بالأحديّة، فلا يَشْرَكُهُ فيها غيره، ولهذا لا يُنعت به غير الله تعالى، فلا يقال: رجلٌ أحدٌ، ولا درهمٌ أحدٌ، ونحو ذلك.

[والموضع الثاني]: أسماء العدد؛ للغلبة، وكثرة الاستعمال، فيقال: أحدٌ وعشرون، وواحدٌ وعشرون، وفي غير هذين يقع الفرق بينهما في الاستعمال بأن "الأحد" لنفي ما يذكر معه، فلا يُستعمل إلا في الجحد؛ لما فيه من العموم، نحوُ: ما قام أحد، أو مضافًا نحو: ما قام أحدُ الثلاثة، والواحد اسمٌ لِمُفتَتَحِ العددِ، كما تقدَّم، ويُستعمل في الإثبات مضافًا، وغير مضافٍ، فيقال: جاءني واحدٌ من القوم، وأما تأنيث أحد، فلا يكون إلا بالألف، لكن لا يقال: إحدى إلا مع غيرها، نحوُ: إحدى عشرة، وإحدى وعشرون، قال ثعلب: وليس للأحد جمعٌ، وأما الآحاد، فيَحْتَمِل أن يكون جمع الواحد، مثل شاهد وأشهاد، قالوا: وإذا نُفي أحد اختَصَّ بالعاقل، وأطلقوا فيه القول، وقد تقدّم أن "الأحد" يكون بمعنى "شيء"، وهو موضوع للعموم، فيكون كذلك، فيُستعمل لغير العاقل أيضًا، نحوُ: ما بالدار من أحد، أي من شيء، عاقلًا كان


(١) "الفتح" ١٠/ ١٧٧.