(مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه تعليل الحكم بعلتين، فإنه علّل تحريمها بكونها ربيبة، وبكونها بنت أخ من الرضاعة، قال في "الفتح": كذا قال، والذي يظهر أنه نَبَّهَ على أنها لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم، فكيف وبها مانعان، فليس من التعليل بعلّتين في شيء؛ لأن كل وصفين يجوز أن يضاف الحكم إلى كل منهما لو انفرد، فإما أن يتعاقبا، فيضاف الحكم إلى الأول منهما، كما في السببين إذا اجتمعا، ومثاله لو أحدث، ثم أحدث بغير تخلل طهارة، فالحدث الثاني، لم يعمل شيئًا، أو يضاف الحكم إلى الثاني، كما في اجتماع السبب والمباشرة، وقد يضاف إلى أشبههما، وأنسبهما، سواء كان الأول أم الثاني، فعلى كل تقدير لا يضاف إليهما جميعًا، وإن قُدِّر أنه يوجد، فالإضافة إلى المجموع، ويكون كل منهما جزء علة، لا علة مستقلة، فلا تجتمع علتان على معلول واحد، هذا الذي يظهر، والمسألة مشهورة في الأصول، وفيها خلاف، قال القرطبيّ: والصحيح جوازه؛ لهذا الحديث وغيره. انتهى (١).
(أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا) بالباء الموحّدة: أي أبا درّة، وهو أبو سلمة، وهو من تقديم المفعول على الفاعل، وهو:(ثُوَيْبَةُ) - بثاء مثلّثة، مضمومة، وواو مفتوحة، ثم ياء التصغير، ثم باء موحّدة، ثم هاء - كانت مولاة لأبي لهب بن عبد المطّلب، عمّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ارتضع منها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل حليمة السعديّة - رضي الله عنها - (فَلَا تَعْرِضْنَ) - بفتح أوله، وسكون العين المهملة، وكسر الراء، بعدها معجمة ساكنة، ثم نون - على الخطاب لجماعة النساء، وبكسر المعجمة، وتشديد النون، خطاب لأم حبيبة وحدها، والأول أوجه.
وقال ابن التين: ضبط بضمّ الضاد في بعض الأمهات، ولا أعلم له وجهًا لأنه إن كان الخطاب لجماعة النساء، وهو الأبين، فهو بسكون الضاد؛ لأنه فعل مستقبل مبنيّ على أصله، ولو أدخلت عليه التأكيد، فشدّدت النون لكان تعرضنانّ؛ لأنه يجتمع ثلاث نونات، فيفرّق بينهنّ بالألف، وإن كان الخطاب لأم حبيبة خاصّة، فتكون الضاد، مكسورة، والنون مشدّدة.