الْقُرْآنِ:"عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، يُحَرِّمْنَ"، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وقد تقدّم نفسه قريبًا أول "كتاب الرضاع"، فـ "يحيى بن يحيى" هو: التميميّ، و"مالك" هو: إمام دار الهجرة، وعبد الله بن أبي بكر، هو: ابن عمرو بن حزم الأنصاريّ، و"عمرة" هي: بنت عبد الرحمن الأنصاريّة.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها -، أنها (قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ) بالبناء للمجهول، أي فيما أنزل الله من القرآن (عَشْرُ رَضَعَات) مبتدأ خبره جملة "يُحرّمن"، وقوله:(مَعْلُومَاتٍ) بالجرّ صفة و"رَضَعات"، واحترز به عما يُتوهّم، أو يُشكّ في وصوله إلى الجوف من الرضعات، وفيه أن الرضعات إذا كانت غير معلومات لم تحرّم (يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ) أي هؤلاء الكلمات (بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) المعنى: التحريم المتعلّق بالرضاع كان شرطه أن يكون الرضيع رضع من المرأة عشر رضعات معلومات، ثم نُسخ ذلك بأنه إذا رضع منها خمس رضعات معلومات ثبت التحريم بينهما (فَتُوُفِّيَ) بالبناء للمجهول (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ) ببناء الفعل للمفعول، والجملة في محلّ نصب على الحال، أي مات - صلى الله عليه وسلم -، والحال أن "خمس رضعات معلومات" يُحرّمن من جملة ما يُقرأ من القرآن.
قال الطيبيّ - رحمه الله -: قول عائشة - رضي الله عنها - هذا مؤوّلٌ بأنه كان يقرؤه من لم يبلغه النسخ حتى بلغه، فترك؛ لأن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، وهذا من جملة ما نُسخ لفظه، ومعناه باقٍ.
وقال التوربشتيّ - رحمه الله -: يُحمَل هذا على أن بعض من لم يبلغه النسخ كان يقرؤه على الرسم الأول؛ لأن النسخ لا يكون إلا في زمان الوحي، كيف يكون النسخ بعد موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟، ولا يجوز أن يقال: إن تلاوتها قد كانت باقيةً، فتركوها، فإن الله تعالى رفع قدر هذا الكتاب المبارك عن الاختلال والنقصان، وتولَّى حفظه، وضَمِنَ بصيانته، فقال عزّ من قائل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ