فقال مالك، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ، والأوزاعيّ، والليث، والطبريّ: قليل الرضاع، وكثيره يُحرّم، ولو مصّةً واحدةً، إذا وصلت إلى حلقه، وجوفه.
وهو قول عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عبّاس، وسعيد بن المسيّب، والحسن، ومجاهد، وعروة، وطاوس، وعطاء، ومكحول، والزهريّ، وقتادة، والحكم، وحمّاد.
وقال الليث بن سعد: أجمع المسلمون في أن قليل الرضاع، وكثيره يُحرّم في المهد ما أفطر الصائم.
قال أبو عمر: لم يقف الليث على خلاف في ذلك.
وعند مالك في هذا الباب: عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل سعيد بن المسيّب، عن الرضاعة؟ فقال سعيد: كلّ ما كان في الحولين، وإن كانت قطرة واحدةً، فهو يحرّم، وما كان بعد الحولين، فإنما هو طعام يأكله.
قال إبراهيم بن عقبة: ثم سألت عروة بن الزبير؟ فقال مثل ما قال سعيد بن المسيّب. وعن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: لا رضاعة إلا ما كان في المهد، إلا ما أنبت اللحم والدم.
وعن ابن شهاب أنه كان يقول: الرضاعة قليلها وكثيرها تُحرّم، والرضاعة من قِبَل الرجال تُحرّم.
قال أبو عمر: الحجّة في هذا ظاهر قول الله - عز وجل -: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: ٢٣]، ولم يخصّ قليل الرضاعة من كثيرها.
وقد روى ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر أنه قيل له: قضى ابن الزبير بألا تُحرّم المصّة، ولا المصّتان، فقال: قضاء الله خير من قضاء ابن الزبير، حرّم الأختَ من الرضاعة.
وقالت طائفة منهم: عبد الله بن الزبير، وأمّ الفضل، وعائشة على اختلاف عنها: لا تحرّم المصّة، ولا المصّتان، ولا الرضعة، ولا الرضعتان، ولا الإملاجة، ولا الإملاجتان.
وبه قال سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيّب، وإليه ذهب أحمد،