للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عُبيد، ورووا في ذلك حديثًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تحرّم الإملاجة، ولا الإملاجتان"، ومنهم من يرويه: "الرضعة، والرضعتان"، قالوا: فما زاد على ذلك حرَّم، وذهبوا إلى أن الثلاث رضعات، فما فوقها تُحرّم، ولا تحرّم ما دونها.

وذهب الشافعيّ إلى أنه لا يحرّم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرّقات، واحتجّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرّم الرضاعة، ولا الرضعتان، ولا المصّة، ولا المصّتان"، ومما رواه أبو بكر، قال: حدّثنا أبو خالد الأحمر، عن حجّاج، عن أبي الزبير، قال: سألت ابن الزبير، عن الرضاع؟ فقال: لا تُحرّم الرضعة، ولا الرضعتان، ولا الثلاث، قال أصحابه: وابن الزبير، رَوَى هذا الحديثَ، وفَهِمَ منه أنه لا تُحرّم الثلاث أيضًا، وأفتى به، وذكروا عن ابن مسعود، وأبي موسى، وسليمان بن يسار، وغيرهم أنهم قالوا: إنما يُحرّم من الرضاع ما أنبت اللحم والدم، وأنشز العظم، وفتق الأمعاء، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "لا يُحرّم من الرضاعة إلا ما فتَقَ الأمعاء".

واحتجّ الشافعيّ بحديث عائشة - رضي الله عنها - المذكور في الباب: "كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحرّمن، ثم نُسخن. . ." الحديث.

فكان في هذا الحديث بيان ما يُحرّم من الرضعات، وكان مفسِّرًا لقوله: "لا تحرّم الرضعة، والرضعتان"، فدلّ على أن قوله: "لا تحرّم المصّة، ولا المصّتان، ولا الرضعة، ولا الرضعتان" خرج على جواب سائل سأله عن الرضعة، والرضعتين، هل تُحرّمان؟ فقال: لا، لأن من سنّته وشريعته أنه لا يُحرّم إلا خمس رضعات، وأنها نَسَخت العشر الرضعات، كما لو سأل سائلٌ: هل يُقطع السارق في درهم، أو درهمين؟، كان الجواب لا يقطع في درهم، ولا درهمين؛ لأنه قد بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يقطع إلا في ربع دينار، فكذلك بيانه في الخمس الرضعات.

[فإن قيل]: لو كانت ناسخةً للعشر رضعات عند عائشة كما روت عنها عمرة، ما كانت عائشة لتأمر أختها أم كلثوم أن تُرضع سالم بن عبد الله عشر رضعات؛ ليدخل عليها، فتستعمل المنسوخ، وتدع الناسخ، وكذلك حفصة أمرت أختها فاطمة بمثل ذلك في عاصم.