منها: أن بعضهم ادَّعَى أنها منسوخة، وهذا باطل، لا يثبت بمجرد الدعوى.
ومنها: أن بعضهم زعم أنه موقوف على عائشة - رضي الله عنها -، وهذا خطأٌ فاحشٌ، بل قد ذكره مسلم وغيره من طُرُق صحاح مرفوعًا، من رواية عائشة، ومن رواية أم الفضل.
ومنها: أن بعضهم زعم أنه مضطرب، وهذا غلطٌ ظاهرٌ، وجَسَارة على رَدّ السنن بمجرد الهوى، وتوهين صحيحها؛ لنصرة المذاهب.
وقد جاء في اشتراط العدد أحاديث كثيرة مشهورة، والصواب اشتراطه.
قال القاضي عياض: وقد شَذَّ بعض الناس، فقال: لا يثبت الرضاع إلا بعشر رضعات، وهذا باطل مردود، والله أعلم. انتهى (١).
وقال العلّامة ابن القيّم - رحمه الله -: قال أصحاب الخمس: الحجة لنا حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد أخبرت هي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفّي، والأمر على ذلك، قالوا: ويكفي في هذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لسهلة بنت سهيل:"أرضعي سالمًا خمس رضعات، تحرمي عليه"، قالوا: وعائشة أعلم الأمة بحكم هذه المسألة هي، ونساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانت عائشة - رضي الله عنها - إذا أرادت أن يدخل عليها أحدٌ أمرت إحدى بنات إخوتها، أو أخواتها، فأرضعته خمس رضعات، قالوا: ونفي التحريم بالرضعة، والرضعتين صريحٌ في عدم تعليق التحريم بقليل الرضاع وكثيره، وهي ثلاثة أحاديث صحيحة صريحة، بعضها خرج جوابًا للسائل، وبعضها تأسيسُ حكمٍ مبتدأ. قالوا: وإذا علّقنا التحريم بالخمس، لم نكن قد خالفنا شيئًا من النصوص التي استدللتم بها، وإنما نكون قد قيّدنا مطلقها بالخمس، وتقييد المطلق بيان، لا نسخٌ، ولا تخصيص.
وأما من علّق التحريم بالقليل والكثير، فإنه يُخالف أحاديث نفي التحريم بالرضعة والرضعتين، وأما صاحب الثلاث، فإنه وإن لَمْ يُخالفها، فهو مخالف لأحاديث الخمس.
قال من لم يُقيّده بالخمس: حديث الخمس لم تنقله عائشة لنقل الأخبار،