أي إن تنج من مسألة القبر، فأخذ القوم يبكون بكاءً ما رأيتهم بَكَوا من شيء ما بَكَوا يومئذ. انتهى (١).
(زَمَنَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ) أي أيام حربه مع بني أميّة، وهي قصّة مشهورة، وذلك أن ابن الزبير حين مات معاوية - رضي الله عنه - امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية، وأَصَرَّ على ذلك حتى أغرى يزيد بن معاوية مسلمَ بن عقبة بالمدينة، فكانت وقعة الْحَرَّة، ثم توجه الجيش إلى مكة، فمات أميرهم مسلم بن عقبة، وقام بأمر الجيش الشاميِّ حُصَين بن نُمَير، فحصر ابن الزبير بمكة، ورَمَوا الكعبة بالْمَنْجَنِيق حتى احتَرَقَت، ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية، فرجعوا إلى الشام، وقام ابن الزبير في بناء الكعبة، ثم دعا إلى نفسه، فبويع بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز، ومصر، والعراق، وخُراسان، وكثير من أهل الشام، ثم غَلَب مروان على الشام، وقَتَلَ الضحاك بن قيس الأمير من قبل ابن الزبير بِمَرْج راهط، ومضى مروان إلى مصر، وغَلَب عليها، وذلك كلُّه في سنة أربع وستين، وكَمُل بناء الكعبة في سنة خمس، ثم مات مروان في سنة خمس وستين، وقام عبد الملك بن مروان مَقَامه، وغَلَب المختار بن أبي عُبيد على الكوفة، ففَرَّ منه من كان من قبل ابن الزبير، وكان محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، وعبد الله بن عباس مقيمين بمكة، منذ قُتِل الحسين، فدعاهما ابن الزبير إلى البيعة له، فامتنعا، وقالا: لا نبايع حتى يجتمع الناس على خليفة، وتبعهما جماعة على ذلك، فشَدَّد عليهم ابن الزبير، وحَصَرهم، فبلغ المختارَ، فجهز إليهم جيشًا، فأخرجوهما، واستأذنوهما في قتال ابن الزبير، فامتنعا، وخرجا إلى الطائف، فأقاما بها حتى مات ابن عباس سنة ثمان وستين، ورحل ابن الحنفية بعده إلى جهة رَضْوَى جبل بينبع، فأقام هناك، ثم أراد دخول الشام، فتوجه إلى نحو أيلة، فمات في آخر سنة ثلاث،