للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في النصرة، والحِماية، وبينهما حِلْفٌ، وحِلْفةٌ بالكسر: أي عهد (١).

وحاصل المعنى: أن أبا حُذيفة تبنّى سالِمًا حين كان التبنّي جائزًا، فكان يُدعَى ابنه، وكان يسكن معهم في بيت واحد، فلما نزلت الآية: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}، وحُرّم التبنّي، كره أبو حذيفة دخول سالم مع اتحاد المسكن، وفي تعدّده مشقّةٌ عليهم، فجاءت سهلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحلّ هذه المشكلة.

وفي رواية أبي عوانة في "مسنده": "فقالت: إن سالِمًا كان يُدْعَى لأبي حذيفة، وإن الله أنزل في كتابه: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥]، وكان يدخل عليّ، وأنا فُضْلٌ (٢)، ونحن في مَنْزِل ضَيِّقٍ. . ." الحديث.

(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرْضِعِيهِ") وفي الرواية التالية: "أرضعيه تحرمي عليه، ويذهبِ الذي في نفس أبي حُذيفة" (قَالَتْ: وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ، وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟) وفي الرواية الآتية: "فقالت: إنه ذو لحية"، أرادت أنه رجل كبير، لا يصلح للإرضاع، حيث تجاوز مدّة الرضاع (فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي تعجّبًا مما قالت (وَقَالَ: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ) " أي فأرضعيه، وإن كان رجلًا كبيرًا.

وقوله: (زَادَ عَمْرٌو) يعني شيخه الأول، وهو عمرو الناقد (فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ) أي سالمٌ (قَدْ شَهِدَ بَدْرًا) هذا فيه إيضاح لكونه كبيرًا؛ لأنه لا يشهد بدرًا إلا من كان رجلًا بالغًا كبيرًا يصلح لمبارزة العدوّ (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ) يعني شيخه الثاني (فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بدل قول عمرو: "فتبسّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

زاد في الرواية التالية: "فرجعت، فقالت: إني قد أرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حُذيفة"، وفي الرواية الرابعة: "فقالت: والله ما عرفته في وجه أبي حُذيفة".

تعني أنها بعد ما أرضعت سالِمًا بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم تر في وجه زوجها ما كانت تراه قبل أن ترضعه، من الكراهية، وذلك لأنه عَلِم أنها صارت أمه


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٤٦.
(٢) بضمّ الفاء، وسكون الضاد المعجمة: أي وأنا متبذّلة في ثياب مِهْنتي، يقال: تفضّلت المرأة: إذا تبذّلت في ثياب مهنتها. انتهى. "طرح التثريب" ٧/ ١٣٤.