للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأن الأدلة الدالة على اعتبار الصغر في وقت الإرضاع متأخرة عن ذلك.

وردّه ابن حزم أيضًا بأن قولها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: كيف أرضعه، وهو رجل كبير؟ دال على تأخره عما دلّ على اعتبار الصغر، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله ابن حزم - رحمه الله - هو الظاهر، والحقّ أنه ليس هناك نسخ، فإن كان نسخ في المسألة، فليكن النسخ للأدلة التي اعتبرت الصغر شرطًا في ثبوت التحريم بالرضاع، كما يدلّ عليه قولها: "كيف أرضعه، وهو رجل كبير؟ "، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

١١ - (ومنها): ما قيل: إنه استُشْكِل أمره - صلى الله عليه وسلم - إياها بإرضاعه؛ لما فيه من التقاء البشرتين، وهو مُحَرَّم قبل أن يستكمل الرضاع المعتبر، وتصير محرمًا له، قال القاضي عياض: ولعلها حلبته، ثم شَرِبه من غير أن يمس ثديها، ولا التقت بشرتاهما، قال النوويّ: وهذا الذي قاله حسنٌ، ويَحْتَمِل أنه عُفي عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر. انتهى.

وجعل أبو العباس القرطبي ذلك دليلًا على الاختصاص به؛ لأن القاعدة تحريم الاطلاع على العورة، ولا يُختَلف في أن ثدي الحرة عورة، لا يجوز الاطلاع عليه، قال: ولا يقال: يمكن أن يَرْضَع، ولا يَطَّلِع؛ لأنا نقول: نفس التقام حلمة الثدي بالفم اطلاع، فلا يجوز. انتهى.

ولم يعرج على ذِكْر ما تقدم عن القاضي من شربه بعد حلبه، ولم يستصوب ابن حزم ذلك، واقتضى كلامه جوازه مطلقًا، فإنه حَكَى عن بعضهم أنه قال: كيف يحل للكبير أن يرضع ثدي امرأة أجنبية؟ ثم نقضه بقول من قال: إن للأمة الصلاة عريانة، يرى الناس ثديها، وخاصرتها، وأن للحرة أن تتعمد أن ينكشف من شفتي فرجها قدر الدرهم الْبَغْليّ، تصلي كذلك، وأن تكشف أقلّ من ربع بطنها كذلك. انتهى.

قال وليّ الدين: والحق ما ذكرناه أوّلًا من شربه محلوبًا.

وقد قال ابن عبد البر - بعد حكايته قول رجل لعطاء: سقتني امرأة من لبنها، وأنا رجل -: هكذا رضاع الكبير، كما ذكر عطاء يُحْلَب له اللبن، ويسقاه، وأما أن تُلقمه المرأة ثديها، كما يُصنع بالطفل فلا؛ لأن ذلك لا يحل