للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عند جماعة العلماء، وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من لبن المرأة، وإن لم يمصه من ثديها. انتهى.

واعتبر ابن حزم في التحريم الامتصاص من الثدي، وحكاه عن طائفة.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن شربه بعد حلبه في الإناء هو الأولى كما قال الأولون، لكن ليس بلازم، فيجوز أن يلتقم ثدييها، فيرضع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بأن تحلب له، فيشربه، بل ظواهر الروايات تدلّ على الإطلاق، ولو كان ذلك لازمًا لما سكت عنه؛ فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

١٢ - (ومنها): أنه أطلق في هذه الرواية قوله: "أرضعيه"، ولم يقيّده بعدد، وقيّده في رواية جماعة، عن الزهريّ بقوله: "خمس رضعات"، فقد أخرج الحديث أبو داود، وغيره من طريق يونس، عن الزهري، وفيه: "فقال لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها. . ." الحديث، وبهذا قال الشافعيّ، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، قال ابن تيمية في "المحرَّر": إنها المذهب، وبه قال ابن حزم، وقيل: لا بُدّ من سبع رضعات، وقيل: لا بُدّ من عشر، وهما مرويان عن عائشة - رضي الله عنها -، وذكر الشافعي أنه لا يصح عنها، وأنها كانت تُفتي بخمس، وحَكَى ابن عبد البر العشر عن حفصة، وقال القاضي عياض: إنه شاذّ، وقيل: يكتفى بثلاث رضعات، حكاه ابن عبد البر عن أبي يوسف، وأبي عبيدة، وداود، وحكاه ابن حزم عن سليمان بن يسار، وسعيد بن جبير، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وهو رواية عنه، وبها قال ابن المنذر، واستروح أبو العباس القرطبيّ، فقال: لَمْ يقل به أحد فيما علمتُ إلا داود، ذكره وليّ الدين - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: القول باشتراط كون الرضاع خمس مرّات هو الأرجح؛ لقوّة حجته، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم رضاع الكبير:

ذهبت طائفة إلى أن إرضاع الكبير يثبت به التحريم، وممن قال به عليّ بن


(١) "طرح التثريب" ٧/ ١٣٩ - ١٤٠.